270

Les Concordances

الموافقات

Enquêteur

أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان

Maison d'édition

دار ابن عفان

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1417 AH

رَاجِعًا إِلَى الِاجْتِهَادِ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ؛ فَيَرَى الْإِنْسَانُ بَعْضَ الْمُبَاحَاتِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى حَالِهِ دَاخِلًا تَحْتَ الْإِسْرَافِ، فَيَتْرُكُهُ لِذَلِكَ، وَيَظُنُّ مَنْ يَرَاهُ مِمَّنْ لَيْسَ ذَلِكَ إِسْرَافًا فِي حَقِّهِ أَنَّهُ تَارِكٌ لِلْمُبَاحِ، وَلَا يَكُونُ كَمَا ظَنَّ؛ فَكُلُّ أَحَدٍ فِيهِ فَقِيهُ نَفْسِهِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّفَقُّهَ فِي الْمُبَاحِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْإِسْرَافِ وَعَدَمِهِ وَالْعَمَلَ عَلَى ذَلِكَ مَطْلُوبٌ، وَهُوَ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ تَنَاوُلِ الْمُبَاحِ، وَلَا يَصِيرُ بِذَلِكَ الْمُبَاحُ مَطْلُوبَ التَّرْكِ، وَلَا مَطْلُوبَ الْفِعْلِ؛ كَدُخُولِ الْمَسْجِدِ١ لِأَمْرٍ مُبَاحٍ هُوَ مُبَاحٌ، وَمِنْ شَرْطِهِ أَنْ لَا يَكُونَ جُنبا، وَالنَّوَافِلُ مِنْ شَرْطِهَا الطَّهَارَةُ، وَذَلِكَ وَاجِبٌ، وَلَا يَصِيرُ دُخُولُ الْمَسْجِدِ وَلَا النَّافِلَةُ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَاجِبَيْنِ؛ فَكَذَلِكَ هُنَا تَنَاوُلُ الْمُبَاحِ مَشْرُوطٌ بِتَرْكِ الْإِسْرَافِ، وَلَا يَصِيرُ ذَمُّ الْإِسْرَافِ فِي الْمُبَاحِ ذَمًّا لِلْمُبَاحِ مُطْلَقًا.
وَإِذَا تَأَمَّلْتَ الْحِكَايَاتِ فِي تَرْكِ بَعْضِ الْمُبَاحَاتِ عَمَّنْ تَقَدَّمَ؛ فَلَا تَعْدُو هَذِهِ الْوُجُوهَ، وَعِنْدَ ذَلِكَ لَا تَكُونُ فِيهَا مُعَارَضَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالثَّالِثُ مِنَ الْأُمُورِ الْمُعَارِضَةِ:
مَا ثَبَتَ مِنْ فَضِيلَةِ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا، وَتَرْكِ لَذَّاتِهَا وَشَهَوَاتِهَا، وَهُوَ مِمَّا اتُّفِقَ عَلَى مَدْحِ صَاحِبِهِ شَرْعًا، وَذَمِّ تَارِكِهِ عَلَى الْجُمْلَةِ، حَتَّى قَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: "جُعل الشَّرُّ كُلُّهُ فِي بَيْتٍ، وجُعل مِفْتَاحُهُ حُبَّ الدُّنْيَا، وجُعل الْخَيْرُ كُلُّهُ فِي بَيْتٍ، وجُعل مِفْتَاحُهُ الزُّهْدَ"٢.
وَقَالَ الْكَتَّانِيُّ الصُّوفِيُّ: "الشَّيْءُ الَّذِي لَمْ يُخَالِفُ فِيهِ كُوفِيٌّ، وَلَا مدني،

١ تنظير لا تمثيل. "د".
٢ أخرجه ابن أبي الدنيا في "ذم الدنيا" "رقم ٢٩٠"، والسلمي في "طبقاته" "ص١٣"، والبيهقي في "الزهد" "رقم ٢٤٧" بإسنادهم إلى الفضل.
وكتب "خ" هنا ما نصه: "الزهد حال من أحوال النفس، وهو خلوص القلب من شائبة الحرص على ملاذ هذه الحياة، بحيث لا يستخفه الفرح عند حضورها، ولا يضطرب حسرة عند فواتها، ولا جَرَمَ أن من أحكم هذا الخلق يتمكن من اجتناب الحرام بسهولة، ويترفع عن الوصول إلى هذه الملاذ من طرق تخدش في وجه المروءة".

1 / 192