المراد فى صدر الكلام يقتضى أن الإرادة إذا ذكرت بعده ، فالمراد بها أن تكون إرادة لذلك الأمر ؛ ألا ترى أن أحدنا إذا قال : إن فلانا متى وعد حقق وهو فاعل لما يريد ، فالمراد بذلك لما يريد أن يفعله ، ولا يتوهم منه : ما يريده « من غيره من طاعة أو معصية (1).
وبعد ، فإن الظاهر إن دل على أنه تعالى إذا أراد أمرا وقع ، فيجب أن يدل على أنه إذا خلق الكفر كسبا أنه قد أراد كونه كذلك ، وليس كذلك مذهب القوم!
وبعد ، فإن الآية وردت بعد وصفه نفسه بأن يجعل الشقى فى النار إلا ما شاء ، وذلك يقتضى رجوع الكلام إليه ، وأن لا يكون مطلقا ، على ما بيناه فى تعارف الخطاب.
** 348 مسألة :
، وأنه خلقهم لكى يختلفوا فيه ، فقال :
( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم ) (2).
والجواب عن ذلك : أنه إنما أراد : ولو شاء ربك أن يلجئهم إلى (3) أن أن يتفقوا فى الإيمان فيكونوا أمة واحدة ، لفعل ذلك ، لكنه أراد لذلك منهم طوعا ، فاختلفوا بحسب اختيارهم ، وقد بينا فى نظير ذلك أنه لا ظاهر
Page 387