332

يبين على أى وجه كرهه ، وقد يجوز أن يكرهه على كل وجه ، وأن يكرهه على وجه مخصوص ، نحو أن يكره خروجهم قصدا إلى الإضرار والإفساد ، وإن أراد خروجهم قصدا إلى الجهاد والمعاونة ، وما هذا حاله لا يصح العموم فيه ، لأنه ربما تنافى أن يكره على كلا الوجهين ، وربما صح أن يكره على وجه دون وجه ، وليس فى اللفظ إلا أنه كره ، من دون بيان الوجوه (1) فى العموم والاختصاص.

وبعد ، فلو دل الظاهر على ما قالوه لدل على أنه أمرهم بالقعود دون الخروج ، لأنه قال تعالى : ( وقيل اقعدوا مع القاعدين ) (2) وإذا صح حمل ذلك على خلاف الأمر من حيث صح أنه تعالى أمرهم بالخروج وتوعدهم على خلافه ، فكذلك يجب (3) أن تحمل الآية على أن المراد بها أنه كره منهم الخروج ، لما علم من قصدهم الفساد وطرح الفتنة والتصريف لنفاقهم ، ولم يكره منهم الخروج على الحد الذى أراده من المؤمنين.

وقد بين تعالى [ ذلك ] فيما بعد بقوله : ( لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة ... ) [47] ومعنى قوله تعالى : ( فثبطهم ) أنه تعالى فعل ما يقتضى تركهم الخروج على هذا الحد ، لما فيه من الفساد ولو أراد بذلك المنع لكان قد منعهم من الخروج على كل وجه ، وهذا يوجب كونه تعالى آمرا بالشيء ومانعا منه ، والمخالف لا يرتكب ذلك ، لأنهم لا يقولون إنه تعالى قد منع الكفار من الإيمان وثبطهم عن الإيمان ، وإن قالوا إنه أمره بما لا يقدر عليه لتشاغله بضده ، على ما يهذون به فى هذا الباب (4)

Page 333