223

تعالى عم بإيجاب القطع فيها على سبيل الجزاء والنكال ، ولم يخص سارقا من سارق ، والكل فى الدخول تحته على حد واحد.

وليس لأحد أن يحمل ذلك على الكفار لمكان العموم (1)، لأن قوله : ( والسارق والسارقة ) تعريف (2) فإذا لم يكن هناك عهد يتوجه الخطاب نحوه ، فالمراد به الجنس من غير تخصيص واحد من واحد ، وإن كان لفظه لفظ الواحد ، ولذلك صح منه تعالى أن يستثنى منه ، فقال ( فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح ) (3) وهذا بمنزلة الاستثناء ، وهذا كقوله تعالى : ( والعصر إن الإنسان لفي خسر ) (4) فلما عرف الإنسان وفقد العهد انصرف إلى الجنس ، فصح أن يقول : ( إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) (5).

ولأن دخول الجزاء على جهة الزجر عن السرقة يقتضى العموم ، وإلا كان لا يكون زجرا للجميع ، ويجرى مجرى قوله : من سرق فاقطعوا يده ، لمكان معنى الشرط والجزاء.

ولأنه من حيث تعلق القطع بالسرقة وأخرج الفاعل من أن يكون له تأثير فى الخطاب ، فوجب تعلق القطع بها كيفما حصلت ، وصار ذلك بمنزلة قوله : إن من حق السرقة أن يستحق بها القطع على جهة الجزاء والنكال.

وكل ذلك يوجب أنها إذا وقعت من أهل الصلاة دخلوا تحت الوعيد ، كهى إذا وقعت من الكفار.

وقد وصف الله تعالى هذا القطع بصفة العقاب ، لأنه تعالى جعله جزاء

Page 224