Le Coran des Similitudes

Qadi Abd al-Jabbar d. 415 AH
167

فيهم لم يصح أن يكون مبتليا لهم به ؛ لأن ذلك انما يصح فى الألطاف التى يختار المؤمن عندها (1) الطاعة دون غيرها.

وقوله تعالى من بعد : ( ولقد عفا عنكم ) يدل على أنهم عصوا ، ولو كان انصرافهم عن الكفار من فعله تعالى لم يكن للعفو معنى.

ثم بين تعالى أن له الفضل على المؤمنين على كل حال ؛ لأنه إذا عفا عمن عصى منهم ، وأثاب من لم يعص ، فقد شملت نعمته الكل.

** 134 مسألة :

فقال : ( فأثابكم غما بغم ) [153].

والجواب عن ذلك : أن هذا الكلام لا ظاهر له. فإنما يدل على أنه تعالى ألحقهم غما بغم ، وليس للأفعال فيه ذكر ، وليس فعلهم هو الغم بنفسه ، وتسمية الغم إثابة مجاز فيما يعلم بالتعارف. وقوله تعالى ( غما بغم ) لا بد فيه من اتساع. وما هذا حاله لا يصح التعلق بظاهره.

والمراد بذلك : أنه تعالى ألحق قلوبهم غما بعد غم ، « وكرر ذلك عنهم عند (2) فشلهم ومعصيتهم ؛ لأنه تعالى إنما يضمن لهم النصرة بشرط استمرارهم على الطاعة ، فلما خالف بعضهم أمر الرسول صلى الله عليه رغبة فى الغنائم ألحقهم الغموم لما علم من الصلاح ، ولما تكرر الغموم وعاقب بعضها بعضا جاز أن يقول غما بغم وأراد : غما مع غم « وبعد غم (3) وهو فى باب الدلالة على كثرته وتضاعيفه آكد من سائر ما ذكرناه من الألطاف.

Page 168