كما هو معروف أن الشيء لا يحجبه ويغطيه إلا حجاب أكبر منه وأعظم، وأن المحجوب أصغر من الحجاب، والله لا تجوز عليه الحجب الحقيقية المجسمة.
فالمعنى أن الله سبحانه وتعالى بصفاته وعظمته وجلالته محجوب عن عقولنا فلا تستطيع عقولنا تصوره ولا الوصول إلى كنهه تعالى.
فالحجب التي بيننا وبين الله هي حجب عقلية وموانع عن تصور الله تعالى أو معرفته بأكثر مما عرفنا ودلنا عليه بمخلوقاته ومحكم كتابه، وهي حجب الجلال والعظمة،وليس هناك حجاب محسوس.
ومما يؤيد ويؤكد ذلك قول الله سبحانه وتعالى: {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد(16)} [ق]،
فيا أيها الدعاة إلى العمل بالظواهر إذا كان الله أقرب إلى الإنسان من حبل الوريد فكيف يمكن أن يكون بينه وبين الانسان حجاب حسي تعالى الله عن ذلك .
فليست الحجب المذكورة إلا حجبا عقلية ومعنوية، وإلا فستكون متناقضة مع الآية إذا حملناها على الحجب الحسية؛ فإن الآية تفيد بظاهرها أن الله لا حجب بينه وبين عبده محسوسة، بل هو أقرب إليه من عرق الوريد الملتصق بجسمه.
Page 63