نقول: بل يمكن تفسير العرش هنا بمعنى الملك ولا مانع منه، وذلك على معنى أن أول الأشياء في الخلق الماء(1)إذا فمعنى: {وكان عرشه على الماء} أي كان ملكه وسيطرته على الماء؛ لأنه لم يكن هناك شيء غير الماء، فلم يكن قد خلق الله أرضا ولا سماء ولا حيوانا ولا جمادا ولا جنا ولا ملائكة، وإنما كانت مملكته هي الماء.
كما يقال مثلا: كان عرش بني فلان على منطقة كذا ثم امتد إلى
غيرها من المناطق، أي كان الملك والسيطرة في البداية على تلك المنطقة فقط.
[من معاني العرش أيضا]
ومن الآيات التي يستدل بها المشبهة على إثبات المكان لله عز وجل قول الله تعالى: {وترى الملائكة حافين من حول العرش} [الزمر:75]، وقال: {الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم} [غافر:7].
وقد قلنا سابقا إننا يجب أن نحمل كل آية على المعنى الذي يناسبها من المعاني التي ورد بها كلام العرب.
فظاهر الآيتين السابقتين أن هنالك عرشا، ولكن على الظاهر نفسه ليس فيه ما يفيد أن الله فوق العرش، أو أن الملائكة يحملونه تعالى، أو أنهم حافون به فلا دليل لهم في هاتين الآيتين على إثبات المكان لله عز وجل.
وقد قال بعض العدلية في معنى الآية: إنه يجوز الحمل لها على ظاهرها، وأن العرش في هذه الآية عرش محسوس جعله الله قبلة للملائكة يطوفون، حوله كما جعل الكعبة قبلة للإنس.
Page 59