فأجابت بالنفي.
كانت هناك مياه في الحقول، فأشار الرجل برأسه إليها وقال إنها كثيرة ذلك العام. «ثلوج غزيرة.»
لاحظت روز رقي لغته واختياره للكلمات، على عكس أهل بلدتها. «لقد مررت بتجربة استثنائية في أحد الأيام الماضية. كنت أقود سيارتي في الريف متوجها لرؤية سيدة تابعة للأبرشية تعاني من مرض بالقلب ...»
فنظرت روز سريعا إلى ياقة قميصه، فوجدته يرتدي قميصا عاديا وربطة عنق وبذلة كحلية اللون.
قال لها: «نعم، أنا قس بالكنيسة المتحدة، لكنني لا أرتدي دوما زي القساوسة؛ فلا أرتديه إلا عند إلقاء العظات في الكنيسة، وأنا اليوم في إجازة.»
ثم استطرد ما كان يرويه: «وبينما كنت أقود السيارة في الريف، رأيت بعض الأوز الكندي يسبح في إحدى البرك، ودققت النظر، فوجدت بعض البجع يسبح معه أيضا؛ كان سربا كاملا وكبيرا من البجع. كم كان منظرا رائعا! أظن أن تلك الطيور كانت مهاجرة هجرتها المعتادة نحو الشمال في فصل الربيع. منظر خلاب حقا لم أر مثله قط في حياتي!»
لم تستحسن روز فكرة التحدث عن البجع البري؛ إذ خشيت أن تتحول المناقشة من الحديث عن البجع إلى الحديث عن الطبيعة بوجه عام، ثم عن الرب، على النحو الذي يشعر أي رجل دين أنه ملزم به. لكنه لم يتحدث عن تلك الأمور، واكتفى بالبجع. «منظر غاية في الجمال. لو أنك كنت هناك لاستمتعت به حقا.»
تراوح عمر ذلك الرجل بين الخمسين والستين؛ هكذا ظنت روز. كان قصير القامة، وذا مظهر مفعم بالنشاط، ووجه مربع متورد، وشعر رمادي لامع ومتموج مصفف بدءا من جبهته. وعندما أدركت روز أنه لن يتحدث عن الرب، شعرت بضرورة تعبيرها عن تقديرها لذلك.
فقالت إنه لا بد وأن ذلك البجع كان جميلا. «لم تكن حتى بركة عادية، وإنما مجرد بعض الماء تجمع وسط أحد الحقول. وكان تجمع الماء في ذلك المكان، ونزول الطيور فيه، ومروري بالسيارة في الوقت المناسب، كل ذلك محض صدفة؛ صدفة بحتة. أعتقد أن تلك الطيور قد أتت من الطرف الشرقي لبحيرة إيري، لكن لم يحالفني الحظ أبدا في رؤيتها من قبل.»
استدارت روز بعض الشيء نحو النافذة، وعاد هو إلى جريدته. ظلت مبتسمة بعض الوقت لكي لا تبدو وقحة أو رافضة للمحادثة برمتها. كان الطقس باردا حقا ذلك الصباح، فأنزلت معطفها عن الخطاف الذي علقته عليه عند صعودها على متن القطار، وفرشته عليها كغطاء يدفئ الساقين، ووضعت حقيبة يدها على الأرض عندما جلس رجل الدين بجانبها لتفسح له مكانا. أما هو، فقد فصل أقسام الجريدة بعضها عن بعض، وأخذ يهزها لتصدر حفيفا على نحو متمهل وبه تباه. وبدا لروز أنه من نوعية الأشخاص الذين يفعلون كل شيء بأسلوب متباه؛ أسلوب كهنوتي. أزاح الرجل جانبا الأقسام التي لا يرغب في قراءتها آنذاك، فلمس طرف الجريدة ساق روز عند حافة معطفها بالضبط.
Page inconnue