أبي الفضل بن العميد مراغما للمهلبي الوزير، فورد أرجان، وأحمد مورده، فيحكي أن الصاحب أبا القاسم طمع في زيارة المتنبي إياه بأصبهان، وإجرائه مجرى مقصوديه من رؤساء الزمان، إذ ذاك شاب وحاله حويلة، ولم يكن استوزر بعد، وكتب إليه يلاطفه في استدعاء، وتضمن له مشاطرته جميع ماله، فلم يقم له المتنبي وزنا، ولم يجبه عن كتابه ولا إلى مراده، وقصد حضرة عضد الدولة
بشيراز، فأسفرت سفرته عن بلوغ الأمنية، وورود مشرع المنية، واتخذه الصاحب غرضا يرشقه بسهام الوقيعة، ويتتبع عليه سقطاته في شعره وهفواته، وينعى عليه سيئاته، وهو أعرف الناس بحسناته، وأحفظهم لها، وأكثرهم استعمالا إياها وتمثلا بها في محاضراته ومكاتباته، وكان مثله معه كما قال الشاعر (من الرجز):
شتمت من يشتمني مغالطًا ... لأصرف العاذل عن لجاجته
فقال: لما وقع البزاز في ... الثوب علمنا انه من حاجته
وكما قال الآخر (من الطويل):
وذموا لنا الدنيا وهم يرضعونها ... ولم أر كالدنيا تذم وتحلب
وكما قال الآخر (من البسيط):
نبئت أني إذا ما غبت تشتمني ... قل ما بدا لك فالمحبوب مسبوب
حل الصاحب وغيره نظم المتنبي
قطعة من حل الصاحب وغيره نظم المتنبي
واستعانتهم بألفاظه ومعانيه في الترسل
فصل له من رسالة في وصف قلعة افتتحها عضد الدولة: وأما قلعة (كذا) فقد الدهر المديد، والأمد البعيد، تعطس بأنف شامخ من المنعة، وتنبو بعطف جامح على الخطبة، وترى أن الأيام
1 / 42