قال أحدثك بطريفة، كتبت إلى امرأتي وهي بحران كتابا تمثلت فيه ببيتك (من البسيط):
بم التعلل لا أهل ولا وطن ... ولا نديم ولا كأس ولا سكن؟
فأجابتني عن الكتاب، وقالت: ما أنت والله كما ذكرته في هذا البيت، بل أنت كما قال الشاعر في هذا القصيدة:
سهرت بعد رحيلي وحشة لكم ... ثم استمر مريري وارعوي الوسن
قال: ولما سمع سيف الدولة البيت الذي يتلوه وهو قوله:
وإن بليت بود مثل ودكم ... فإنني بفراق مثله فمن
قال: سار وحق أبي قال: ولما سمع قوله لفنا خسرو (من المنسرح):
وقد رأيت الملوك قاطبة ... وسرت حتى رأيت مولاها
قال: ترى هل نحن في الجملة؟
سمعت أبا بكر الخوارزمي يقول: كان أبو الطيب المتنبي قاعدًا تحت قول الشاعر (من الطويل):
وإن أحق الناس باللوم شاعر ... يلوم على البخل الرجال ويبخل
وإنما أعرب عن عادته وطريقته في قوله (من الطويل):
بليت بلي الأطلال إن لم أقف بها ... وقوف شحيح ضاع في الترب خاتمه
فحضرت عنده يوما بحلب وقد أحضر مالا من صلات سيف الدولة، فصب بين يديه على حصير قد افترشه، ووزن وأعيد في كيس، وإذا بقطعة كأصغر ما يكون من ذلك المال قد تخللت خلل الحصير، فأكب عليها بمجامعه ينقرها ويعالج
استنقاذها منه، ويشتغل بذلك عن جلسائه حتى توصل إلى إظهار بعضها، فتمثل ببيت قيس بن الخطيم (من الطويل):
1 / 39