تفسير إرادة الله لأفعال العباد
فإن قال قائل من المتكمهين الضلال، المتعلقين بالشبهات والمحال: أليس قد أراد الله من الخلق أن يطيعوه، ويعبدوه ولا يعصوه؟
قيل له: كذلك الله تبارك وتعالى، وفي ذلك ما يقول العلي الأعلى:{ وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } [الذاريات: 56]، وقال: { يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون } [البقرة: 21] فلما أن أمرهم بطاعته علمنا أنه لم يخلقهم إلا لعبادته، وذلك فمراده منهم، إذ له أوجدهم.
فإن قال: فهل كان ما أراد ذو الجلال والسلطان؟ فإنكم إن قلتم إنه قد كان ما أراد الرحمن، أوجبتم أن يكون الخلق كلهم مطيعين، ونفيتم أن يكون فيهم أحد من العاصين، وإن قلتم إنه لم يكن ما أراد الواحد ذو الجلال، فقد أقررتم بتقديم إرادة الله على كل حال.
Page 142