أَنَّكَ إِذَا قَارَنْتَ هَؤُلاءِ الثَّلاثَةَ الَّذين ذَكَرْنَاهُمْ عَطاء وَيزِيد وَلَيْث بمنصور بن الْمُعْتَمِر وَسُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ فِي إِتْقَانِ الْحَدِيثِ وَالاسْتِقَامَةِ فِيهِ وَجَدْتَهُمْ مُتَبَايِنِينَ لَهُمْ لَا يُدَانُونَهُمْ لَا شَكَّ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ فِي ذَلِكَ لِلَّذِي اسْتَفَاضَ عِنْدَهُمْ مِنْ صِحَّةِ حِفْظِهِمْ وَإِتْقَانِهِمْ بِحَدِيثِهِمْ وَإِنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا ذَلِكَ مِنْ عَطَاءٍ وَيَزِيدَ وَلَيْثٍ وَإِذَا وَازَنْتَ بَيْنَ الأَقْرَانِ كَابْنِ عَوْفٍ وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ مَعَ عَوْفِ ابْن أَبِي جَمِيلَةَ وَأَشْعَثَ الْحُمْرَانِيِّ وَهُمَا صَاحِبَا الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ فَابْنُ عَوْنٍ وَأَيُّوبُ صَاحِبَيْهِمَا إِلا أَنَّ الْبَوْنَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الأَشْعَثِ بَعِيدٌ بَعِيدٌ فِي كَمَالِ الْفَضْلِ وَصِحَّةِ النَّقْلِ وَإِنْ كَانَ ابْنُ عَوْفٍ وَأَشْعَثُ غَيْرَ مَدْفُوعِينَ عَنْ صِدْقٍ وَأَمَانَةٍ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَأَنَّهُ تَرَكَ التَّشَاغُلَ بِتَخْرِيجِ حَدِيثِ أَقْوَامٍ كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِسْوَرٍ الْمَدَايِنِيِّ وَعَمْرِو بْنِ خَالِدٍ وَعَبْدِ الْقُدُّوسِ الشَّامِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَصْلُوبِ فِي الزندقة وغياث ابْن إِبْرَاهِيمَ وَسُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ دَاوُدَ اللَّخْمِيِّ وَأَشْبَاهِهِمْ مِمَّنِ اتُّهِمُوا بِوَضْعِ الأَحَادِيثِ وَعُرِفُوا بِتَوْلِيدِ الأَخْبَارِ وَكَذَلِكَ مِنَ الْغَالِبِ عَلَى أَحَادِيثِهِ الْمُنْكَرُ وَالْغَلَطُ أَمْسَكَ عَنْ حَدِيثِهِ ورواياته مثل عبد الله ابْن مُحَرَّرٍ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ وَالْجَرَّاحُ بْنُ الْمِنْهَالِ أَبُو الْعَطُوفِ الْجَزَرِيُّ وَعَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ وَحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضُمَيْرَةَ وَعُمَرُ بْنُ صَهْبَانَ وَنُظَرَائُهُمْ مِنْ رُوَاةِ الْمَنَاكِيرِ وَالأَغَالِيطِ
قَالَ وَإِنَّمَا مَثَّلْنَا هَؤُلاءِ فِي التَّسْمِيَةِ لِيَكُونَ تَمْثِيلُهُمْ سِمَةً يَصْدُرُ عَنْ فَهْمِهَا فَلا يُنْزَلُ بِالرَّجُلِ الْعَالِي الْقَدْرِ عَنْ دَرَجَتِهِ وَلا يُرْفَعُ مُتَّضَعُ الْقَدْرِ فِي الْعِلْمِ فَوْقَ مَنْزِلَتِهِ وَيُوَفَّى كُلُّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ لِمَا ذُكِرَ عَنْ عَائِشَةَ إِنَّ النَّبِيِّ ﷺ أَمَرَنَا أَنْ نُنَزِّلَ النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ
٥٧ - حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الآجُرِّيُّ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ ثَنَا أَبُو هِشَامٍ ثَنَا ابْنُ يَمَانٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ (أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ نُنَزِّلَ النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ) مَعَ مَا نَطَقَ بِهِ الْقُرْآنُ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ يُوسُف ٧٦
فَلَمَّا رَأَيْتُهُ ﵀ اسْتَقْصَى وَبَيَّنَ وَفَرَّقَ وَأَوْضَحَ وَدَلَّ عَلَى الرِّجَالِ وَأَخْبَرَ عَنْ أَحْوَالِهِمْ وَإِتْقَانِهِمْ
كَفَى مِنْ دُونِهِ بِجَمِيلِ نِيَّتِهِ وَلَطِيفِ فِطْنَتِهِ التَّعَبَ الشَّدِيدَ وَالاشْتِغَالَ الطَّوِيلَ فَعَمَدْنَا إِلَى الْأُصُولِ الَّتِي خَرَّجَهَا وَالأَبْوَابِ الَّتِي لَخَّصَهَا فَتَبِعْنَا عَلَى كِتَابِهِ وَتَرَاجِمِهِ عَنْ شُيُوخِنَا كِتَابًا يَكُونُ عِوَضًا لِمَنْ فَاتَهُ
1 / 89