فِي الْمجْلس مرّة فَقَالَ: قل: أَنا أَبْرَأ إِلَى الله تَعَالَى من الْكلابِيَّة، فَقلت: إِن قلت هَذَا لَا يطعمي أبي الْخبز، فَضَحِك، وَقَالَ: دعوا هَذَا.
وَقَالَ الإِمَام أَبُو عبد الله الْحَاكِم: سَمِعت أبي يَقُول: لما ورد الزغفراني وَأظْهر خلق الْقُرْآن سَمِعت السراج يَقُول: العنوان الزغفراني - فيضج النَّاس بلعنته، فنزح إِلَى بخاري، وَكَانَ ﵀ يَقُول: من لم يقر بِأَن الله تَعَالَى يعجب ويضحك وَينزل كل لَيْلَة إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فَيَقُول: "من يسألني فَأعْطِيه" فَهُوَ زنديق كَافِر يُسْتَتَاب، فَإِن تَابَ وَإِلَّا ضربت عُنُقه، وَلَا يصلى عَلَيْهِ، وَلَا يدْفن فِي مَقَابِر الْمُسلمين.
قَالَ الذَّهَبِيّ: وَقد كَانَ السراج ذَا ثروة وتجارة وبر ومعروف، وَله تعبد وتهجد إِلَّا أَنه كَانَ منافرًا للفقهاء أَصْحَاب الرَّأْي وَالله يغْفر لَهُ، قلت: سَبَب المنافرة بَينه وَبَين أهل الراي ظَاهر لِأَن أَكثر أهل الراي قد اصبحوا فِي هَذَا الْعَصْر معاونين لأهل الْبِدْعَة بل اخْتَار بَعضهم الْبِدْعَة مثل الْمُعْتَزلَة والجهمية والمرجئة وَغَيرهم.
وَكَانَ الإِمَام السراج ذَا ثروة وتجارة كَمَا قَالَ الذَّهَبِيّ، وَقد قَالَ نَفسه، حِين سَالَ عَنهُ الْخفاف يَا أَبَا الْعَبَّاس من أَيْن جمعت هَذَا المَال؟ فَقَالَ بغيبة دهر أَنا وأخواي إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل، غَابَ أخي إِبْرَاهِيم أَرْبَعِينَ سنة وَغَابَ أخي أَرْبَعِينَ سنة، وغبت أَنا مُقيما بِبَغْدَاد أَرْبَعِينَ سنة أكلنَا الجشب، ولبسنا الخشن، فَاجْتمع هَذَا المَال.
وجدير بِالذكر أَن الإِمَام الذَّهَبِيّ ذكر عَن الإِمَام السراج أَنه قَالَ: ولدت سنة ثَمَانِي عشرَة وَمِائَتَيْنِ وختمت عَن رَسُول الله ﷺ اثْنَتَيْ عشر ألف ختمة وضحيت عَنهُ أثني عشر ألف أضْحِية، قلت لم يرد بِهِ الْأُضْحِية فِي أَيَّام التَّشْرِيق كَمَا زَعمه الذَّهَبِيّ وَغَيره بل المُرَاد بِهِ الصَّدَقَة الْعَامَّة وَقد ذكر الذَّهَبِيّ نَفسه عَن مُحَمَّد بن أَحْمد الدقاق أَنه قَالَ: رَأَيْت السراج يُضحي كل أُسْبُوع أَو أسبوعين أضْحِية عَن رَسُول الله ﷺ ثمَّ يَصِيح بأصحاب الحَدِيث فَيَأْكُلُونَ، وَبِهَذَا يظْهر كَظهر الشَّمْس نصف النَّهَار أَنه لم يرد بِهِ الْأُضْحِية الْمَعْرُوفَة، على أَن الإِمَام السراج قد توفى سنة ثَلَاث عشرَة وثلاثمائة وَله ٩٦ سنة فَكيف يُمكن أَن يُضحي عَنهُ صلى الله
1 / 6