La musique orientale et le chant arabe
الموسيقى الشرقية والغناء العربي
Genres
صلى الله عليه وسلم : فلانة ابنة فلان نذرت لئن ردك الله تعالى أن تضرب في بيتي بدف، قال فلتضرب.
أما ما ورد في القصب والأوتار والمزامير فلا خلاف في إباحة سماعها، والدليل على ذلك أن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف مع جلالته وفقهه وثقته كان يفتي بحل ذلك، وقد ضرب بالعود، وكان الإمام أحمد بن حنبل لا يحدث حديثا إلا بعد أن يغني على عود إلى غير ذلك من الأدلة والشواهد العديدة التي يضيق المقام عن سردها. ولا بأس من أن نورد هنا جملة صالحة لابن خلدون في هذا الموضوع وهو الحجة الثبت في الاجتماعيات قال: «لما جاء الإسلام. واستولى رجاله على ممالك الدنيا، وحازوا سلطان العجم، وغلبوهم عليه، وكانوا من البداوة والغضاضة على الحال التي عرفت لهم، مع غضارة الدين وشدته في ترك أحوال الفراغ، وما ليس بنافع في دين ولا معاش، هجروا ذلك شيئا ما، ولم يكن الملذوذ عندهم إلا ترجيع القراءة، والترنم بالشعر الذي هو ديدنهم ومذهبهم، فلما جاءهم الترف، وغلب عليهم الرفه بما حصل لهم من غنائم الأمم، صاروا إلى نضارة العيش، ورقة الحاشية، واستجلاء الفراغ، وافترق المغنون من الفرس والروم، فوقعوا إلى الحجاز، وصاروا موالي للعرب، وغنوا جميعا بالعيدان، والطنابير، والمعازف، والمزامير. وسمع العرب تلحينهم للأصوات، فلحنوا عليهم أشعارهم، وظهر بالمدينة نشيط الفارسي، وطويس، وسائب خائر - مولى عبد الله بن جعفر - فسمعوا شعر العرب ولحنوه، وأجادوا فيه، وطار لهم ذكر، ثم أخذ عنهم معبد وطبقته وابن شريح وأنظاره، وما زالت صناعة الغناء تتدرج إلى أن كملت أيام بني العباس عند إبراهيم بن المهدي، وإبراهيم الموصلي، وابنه إسحق، وابنه حماد، وكان من ذلك في دولتهم في بغداد... إلخ». ا.ه.
وما زال فن الغناء يتنقل من عصر إلى عصر، ومن دولة إلى دولة ويعتريه الضعف والوهن تبعا لضعف الزمن ووهنه، والشهرة والذيوع إن أخصب ربعه، وأخضل واديه، تسمعه الخلفاء في قصورهم، وتهش له الأمراء في دورهم إلى أن وصل إلى عهد أبي الأشبال المغفور له إسماعيل باشا وهنالك طلع فجره، وبزغ هلاله، وأنارت شمسه، وكمل أنسه بوجود المرحوم: عبده الحمولي الذي ملك ناصية الفن فأخذ يعبد طريقه، ويحسن تنيسقه، ويأخذ من عواطف الشعب المشهور بالرقة مادة لتلحين أدواره، وإنشاد أشعاره، ولم يكفه هذا بل عمد إلى نغمات الترك والفرس فصبها في قوالب من صنع مصره، وجعلها زينة لعصره فتراها تجمع بين بغداد في حضارتها، ونجد في بداوتها، والفرس في غضارتها، والترك في منعتها وقوتها.
فما لمصر وهي أمة عربية تصبو بغرائزها إلى سماع صوت الحداة وهم يحدون ونحن في أثر الطعن وهم مجدون، ويخفق قلبها إن هبت من نجد صبا، وتصفق منها الضلوع إن لمع برق من بغداد أو خبا، وجرى الماء في غياض الشام يسقي هام الربى، يراد بها أن تكون في نغماتها غربية وهي ربيبة الشرق، ورضيعة لبانه ولسان حالها يقول:
وتلفتت عيني فمذ خفيت
عني الطلول تلفت القلب
إن أمة هذه خصائصها ومميزاتها لن تنفع فيها إن شاء الله حيلة المجددين في الشعر والغناء، وستسير القافلة وهم في الطريق، وأن ملكا على عرشه حضرة صاحب الجلالة الملك أحمد فؤاد الأول ابن ناصر هذا الفن المغفور له إسماعيل باشا خليق بأن يغني بمحاسنه الدهر، ويمرح تحت وارف ظله كل مبتكر، وينشد في واسع رحابه لكل أديب، ويسير إلى الأمام بفضله كل مخترع، فلك الشكر الجزيل يا صديقي على ما بذلت من جهد، وأديت من أمانة، بوضعك الحق في نصابه، وإرجاعك السيف إلى قرابه، واختتم عجالتي هذه ببيتين من قصيدة المرحوم شوقي بك في المرحوم عبده.
يا مغيثا بصوته في الرزايا
ومعينا بماله في المكاره
ومجل الفقير بين ذويه
Page inconnue