Problèmes avec des étrangers : Une étude en philosophie morale
مشكلات مع الغرباء: دراسة في فلسفة الأخلاق
Genres
30
ويحب الساديون أن يشعروا بأحاسيس ضحاياهم، فكما يشير نيتشه، إن القسوة تتطلب قدرا من الإحساس، أما الوحشية فلا تتطلب ذلك. وربما يمانع المازوخيون في مساعدة من يشعرون بالألم لأنهم يستمدون سرورا خاصا من التوحد مع آلامهم، وربما يعارضون لنفس السبب أن ترفع معاناتهم هم على يد الآخرين؛ فالقدرة المحضة على الشعور بما يشعر به شخص آخر لا ترتبط بالأخلاق أكثر من ارتباط موهبة تقليد لكنته بإتقان. كما يوجد فرق بين التعاطف بمعنى الإشفاق، والتعاطف بمعنى مشاركة شخص آخر حالته العاطفية. فإن كان لنا أن نعطي بعض التقدير للمعنى الأول فيمكننا أحيانا أن نعطي قليلا منه للأخير؛ فالكثير من الناس شديدو الحساسية وأنانيون بشعون في نفس الوقت. •••
باستثناء شافتسبري، لم يكن أي من فلاسفة الأخلاق الذين تناولناهم إنجليزيا، بل إن الإنجليز قليلون وسط هذه المجموعة كما حالهم وسط ما يسمى بالحداثة الأدبية الإنجليزية. وكل المفكرين الذي كنا نناقشهم تقريبا نشئوا من التخوم الغيلية للأمة الحضرية، وهي حقيقة قد تكون بلا أهمية؛ فالغيليون من أمثال بيرك وهيوم وهتشسون وسميث وفورديس وفيرجسون، بجانب الرموز من أمثال جولدسميث وستيل وبروك وستيرن الذين ولدوا في أيرلندا أو لأصل نصف غيلي، كانوا لا شك أكثر ميلا للافتتان بالمشاعر والخير من نظرائهم الأنجلوساكسونيين. وليس هذا لأن الغيليين أكثر ودا من الناحية الوراثية من الإنجليز، بل لأن كلا من اسكتلندا وأيرلندا تمتعتا بتقاليد ولاء راسخة تجاه العشيرة أو المجتمع.
صحيح أن علاقات القرابة والعادات الملزمة والالتزامات غير المكتوبة وما يسمى بالاقتصاد الأخلاقي، ظلت طويلا في كلتا الأمتين رهن قيود نظام من العلاقات العقدية والفردية التملكية فرضه الاستعمار. لكن بعض الجوانب من هذه الحياة التقليدية بقيت بنحو غير مستقر إلى جانب المؤسسات الحديثة، وفي ظل الاشتباك السياسي من جانب صغار مستأجري الأراضي والمنازل والعمال بذلت مقاومة شرسة لهذه الحداثة خلال عصر العقل. وتشير جلاديس بريسون في دراستها لعصر التنوير في اسكتلندا إلى أن «كثيرا من العاطفة والولاء في المجتمع القائم على الروابط الشخصية الأقدم انتقل (من خلال عملهم) إلى المجتمع القائم على الروابط اللاشخصية ... ونجد في كل كتاباتهم اهتماما كبيرا بالتواصل والتعاطف والمحاكاة والعادات والتقاليد ...»
31
ويوجد مثال معاصر على هذه الشواغل ذات الطابع الغيلي في أعمال الفيلسوف آلاسدير ماكنتاير، وهو فيلسوف انتقل خلال سعيه وراء هذه القيم في حياته من المسيحية إلى الماركسية ومن الماركسية إلى الكاثوليكية والجماعاتية؛ إذ ينتمي نقد ماكنتاير لعمومية التنوير إلى تراث ما يمكننا أن نعتبره الخصوصية القومية في كل من اسكتلندا وأيرلندا؛ أي إصرار المفكرين القوميين على الخصوصيات التاريخية لهذه الثقافات، ومقاومتهم لعقلانية معينة لا تهتم بالمكان، ورفضهم للتكيف مع مبدأ مفترض كوني (لكنه ببساطة حضري في الغالب).
32
ربما نظن أن تشكك ماكنتاير في المبادئ الكونية التنويرية، إلى جانب اعتياده رد المفاهيم الأخلاقية والاجتماعية إلى سياقاتها التاريخية، لهما نكهة غيلية معينة.
يقول جون دواير إن الرغبة الاسكتلندية في بناء اقتصاد حديث، التي كان مشاهير من أمثال هيوم وسميث من مؤيديها الواضحين، كانت حريصة مع ذلك على الاحتفاظ بدرجة من السلامة الوطنية، واحتفظت بتشكك تقليدي تجاه النظام التجاري غير المقيد؛ إذ يكتب: «كانت النزعة الاجتماعية، وليست الفردية، هي العنصر المحوري في التعريف الاسكتلندي للإحساس؛ حيث يصير مفهوم الإحساس الكلي بديلا لنظام اجتماعي مبني على المصلحة الشخصية.»
33
Page inconnue