Musamarat
مسامرات الظريف بحسن التعريف
وذاك قول الورى لشخصٍ ... إذا يصاب الفتى ويسقم
آجرك الله في مصاب ... ما دفع الله كان أعظم
هل ذا صحيح وذا بنص ... أثبت في كتب من تقدم
وعبدكم قال ذاك لما ... دهاك خطب به تألَّم
وقلبه منه فيه شيء ... ببادى الراي لا يسلَّم
أجب فلا زلت في المعالي ... تجر ثوب التقى وتكرم
فأجابه الشيخ الصغير داود بقوله: [مخلع البسيط]
إن الجواب لمن توهم ... يبدو إذا ما الفتى تفهَّمْ
إذ كل خطب وإن تناهى ... في غيب مبديه منه أعظم
وكون هذا مكان هذا ... غيب الدفاع فلا توهّمْ
فقول من قال للتسلي ... ما دفع الله كان أعظم
صحيح معنىً لكل حبرٍ ... يقال نثرًا نعم وينظم
وفي حديثٍ لو اطلعتمْ ... إلى تمام الحديث مغنم
يفيد من يبتغي جوابا ... وحسبنا الله وهو أعلم
ولما طلع صبح الدولة الباشيه، تقدم نائبًا بمحكمته الشرعية، ثم لما ورد الإذن للباشا علي من دار الخلافة بأن يولي القاضي من علماء تونس قدم صاحب الترجمة لخطة القضاء بالمذهب المالكي سنة ١١٥٧ سبع وخمسين بعد المائة والألف ثم قدمه لخطة الفتوى وتقدم لرئاسة أهل الشورى فكان زينة المجلس الشرعي.
وقد أرسل إليه العالم الأديب الشيخ أحمد العصفوري رسمًا يتضمن نازلة في العمرى وطلب منه الإفتاء فيه بعد أن أفتى فيه بقية المفتين فكتب إليه يطلب منه ذلك بقوله.
[الوافي]
أرى المفتين قد وضعوا خطوطًا ... بفتياهم لنا حصلت إفاده
وما زبرت يراع الشيخ حتى ... نراها مثل واسطة القلاده
لقد سبقت سعادتنا يقينًا ... إذا ختمت بخط من سعاده
فكتب له الشيخ محمد سعادة في الرسم بما نصه: [الوافر]
تأملت السؤال وما علاه ... من العمرى المسطرة المفاده
وما زبر الشيوخ أمام رقمي ... ويمناه لسائلهم إفاده
فألفيتُ الجميعَ أجاد فيما ... أجاب به وأغنى عن زيادة
وما نقلوا بموضعه صريح ... صحيح حاز سائلهم مراده
وأغنى عن مزيد فيه طولٌ ... ونفس الحر تجتنب الإعاده
وناظمها يجيب بمثل ما قد ... أجابوا سائلًا ربّي السعادة
وعفوًا عن خطايانا جميعًا ... وعند الموت خاتمةَ الشهاده
وكنت عن الجواب غنيت لما ... أتاني سائلًا يبغي الإفاده
ونفس الحكم فيها ليسس صعبًا ... فأغنى من أجاب عن الزياده
فألجأني المهذَّب حبّ نفسي ... هو العصفور من حاز السياده
وراقم ما على نظمي بدرٍّ ... رآني فيه واسط القلادة
فحينئذ سمحتُ له بما قد ... دعاه إلى جواب من سعادة
جزاه الله في دنياه خيرًا ... وبلّغه من الأخرى مراده
وكان عالمًا فقيهًا عالي الهمة حسن المحاضرة كريم الأخلاق عزيز النفس وقفت له على نظم بديع في مناسك الحج وله كتاب لطيف سماه (قرة العين في نشر فضائل الأمير حسين) وأتبعه بمدح ابنه محمد الرشيد فكان من أبعد المقامات في الآداب وقد نزع عدة منازع لطيفة وأودعه من ذكر الخصال الحميدة وذكر فضائلها ما يروق علماء الأدب وحكماء تهذيب الأخلاق وضمنه أرجوزة في معنى (الصادح والباغم) في الحكم والأمثال تبلع مائتين وخمسة أبيات، مطلعها: [الرجز]
أحمد من أتى حسينا مننًا ... رى بها من المعالي قننا
وقفت على نسخة منه مذهبه في غاية حسن الرونق.
1 / 216