ووضع الله عز وجل عنهم القتال، وصلح أمرهم، فخلطوا بعد ذلك، فقالوا لشمويل: ابعث لنا ملكا يقاتل معنا في سبيل الله، فأمر بتمليك طالوت، وهو ساود بن بشر بن إينال بن طرون بن بحرون بن أفيح بن سميداح بن فالح بن بنيامين بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، فملكه الله عليهم، ولم يجمعهم قبل ذلك مثل طالوت، وكان بين خروج موسى عليه السلام ببني إسرائيل من مصر إلى أن ملك على بني إسرائيل طالوت خمسمائة سنة واثنتان وسبعون سنة وثلاثة أشهر، وكان طالوت دباغا يعمل الأدم فأخبرهم نبيهم شمويل أن الله قد بدث لكم طالوت ملكا، فقالوا فيه ما أخبر الله عزوجل في كتابه: " وأنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه، ولم يؤت سعة من المال؟ قال: إن الله اصطفاه عليكم، وزاعه بسطة في العلم والجسم " وأخبرهم نبيهم أن " وآية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة، من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة " وكان مدة ما مكث التابوت ببابل عشر سنين، فسمعوا عند الفجر حفيف الملائكة تحمل التابوت، واشتد سلطان جالوت، وكثرت عساكره وقواور، وبلغه انقياد بني إسرائيل إلى طالوت، فسار جالوت من فلسطين بأجناس من البربروهو جالوت بن بايول بن ريال بن حطان بن فارس فنزل بساحة بني إسرائيل، فأمر شمويل طالوت بالمسير ببني إلبمرائيل إلى حرب جالوت، فابتلاهم الله عز وجل بنهر بين الأردن وفنسطين، وسلط الله عليهم العطش، وقد قص الله ذئك في كتابه، ومروا كيف يشربون من النهر، فلغه أهل الريبة ولوغ الكلاب، فقتلهم طالوت عن آخرهم، ثم فضل من خيارهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا فيهم إخوة داود عليه السلام ولحق داود بإخوته، فتوافؤ الجيشان جميعا، وكافت الحروب بينهما سجالا، وندب طالؤت الناس، وجعل لمن يخرج إلى جالوت ثلث ملكه ويتزوج ابنته، فبرز داود فقتله بحجر كان في مخلاته، رماه بمقلاع فخر جالوت ميتا، وقد أخبر الله عزوجل بذلك في كتابه بقوله: " وقتل داود جالوت " وقد ذكر أن الحجر الذي كان في مخلاة داود كان ثلاثة أحجار ، فاجتمعت وصارت حجرا واحدا، ولها أخبار قدمت ذكرها فيما سلف من كتبنا، وهي التي قتل بها جالوت، وإن القوم الذين ولغوا في الماء وخالفا ما أمروا به كان القاتل لهم طالوت. وقد أتينا على خبر الدرع التي كان أخبرهم نبيهم أنه لا يقتل جالوت إلا من صلحت عليه تلك الدرع إذا لبسها، وأنها صلحت على داود، وما كان من هذه الحروب، وخبر النهر الذي نش على رأسه، وخبر تملك طالوت، وأخبار البربر وبدء شأنهم في كتابنا في أخبار الزمان، وسنورد بعد هذا جملا من أخبار البربروتفرقهم في البلاد في الموضع اللائق بها من هذا الكتاب.
داود
Page 17