Les Prairies d'or
مروج الذهب ومعادن الجوهر
وسئل عن بناء الأهرام، فقال: إنها قبور الملوك، وكان الملك منهم إذا مات وضع في حوض حجارة وشمى بمصر والشام الجرن وأطبق عليه، ثم يبنى من الهرم على قدر ما يريدون من ارتفاع الأساس، ثم يحمل الحوض فيوضع وسط الهرم، ثم يقنطر عليه البنيان والأقباء، ثم يرفعون البناء على هذا المقدار الذي ترونه ويجعل باب الهرم تحت الهرم، ثم يحفر له طريق في الأرض بعقد أزج، فيكون طول الأزج تحت الأرض مائة ذراع وكثر، ولكل هرم من هذه الأهرام باب يدخل منه على ما وصفت، فقيل له: فكيف بنيت هذه الأهرام المملسة؟ وعلى أي شيء كانوا يصعدون ويبنون؟ وعلى أي شيء كانوا يحملون هذه الحجارة العظيمة التي لا يقدر أهل زماننا هذا على أن يحركوا الحجر الواحد إلا بجهد إن قدروا؟ فقال: كان القوم يبنون الهرم مدرجا ذا مراقي كالدرج، فإذا فرغوا منه نحتوه من فوق إلى أسفل، فهذه كانت حيلتهم، وكانوا مع هذا لهم صبر وقوة وطاعة لملوكهم ديانة. فقيل له: ما بال هذه الكتابة التي على الأهرام والبرابي لا تقرأ؟ فقال: دثر الحكماء وأهل العصر الذين كان هذا قلمهم، وتداول أرض مصر الأمم، فغلب على أهلها القلم الرومي، وأشكال الأحرف للروم، والقبط تقرؤه على حسب تعارفها إياه، وخلطها الأحرف الروم بأحرفها، على حسب ما ولموا من الكتابة بين الرومي والقبطي الأول؟ فذهبت عنهم كتابة آبائهم.
فقيل له: فمن أول من سكن مصر؟ قال: أول من نزل هذه الأرض مصر بن بيصر بن حام بن نوح، ومر في أنساب ولد نوح الثلاثة وأولادهم، وتفرقهم في الأرض.
فقيل له: أتعرف بمصر مقاطع رخام؟ قال : نعم في الجانب الشرقي من الصعيد جبل رخام عظيم كانت الأوائل تقطع منه العمد وغيرها، وكانوا يجلون ما عملوا بالرمل بعد النقر، فأما العمد والقواعد والرؤوس التي قسميها أهل مصر الأسوانية، ومنها حجارة الطواحين، فتلك نقرها الأولون بعد حدوث النصرانية بمئين من السنين، ومنها العمد التي بالإسكندرية، والعمود الذي بها الضخم الكبير لا يعلم بالعالم عمود مثله، وقد رأيت في جبل أسوان أخا لهذا العمود قد هندس ونقر ولم يفصل من الجبل، ولم ايحك ما ظهر منه، وإنما كانوا ينتظرون أن يفصل من الجبل ثم يحمل إلى حيث يريد القوم.
وسئل عن مدينة العقاب، فقال: هي غربي أهرام بوصير الجيزة وهي على خمسة أيام بلياليها للراكب المجد، وقد وعرت طريقها وعميت المسالك إليها، والسمت الذي يؤدي نحوها، وذكرها فيها من عجائب البنيان والجواهر والأموال والعلة التي لها سميت مدينة العقاب، ووصف مدينة أخرى غربي أخميم من أرض الصعيد ذات بنيان عجيب اتخذتها الملوك السالفة، وذكر من شأن هذه المدينة الأخرى عجائب من الأخبار، وزعم أن بينها وبين إخميم من أرض الصعيد مسيرة ستة أيام.
Page 155