عروضه من البسيط الشعر والغناء لإبراهيم الموصلي ومل بالبنصر عن الهشامي وعلي بن يحيى، وذكر محمد بن الحرث بن بسخنر أن فيه هزجًا بالبنصر لإبراهيم بن المهدي، وذكر عمرو بن بانة أنه لإبراهيم الموصلي أيضًا وأبو الخطاب الذي عناه إبراهيم الموصلي في شعره هذا رجل نحاس يعرف بقرنين مولى العباسة بنت المهدي وكان إبراهيم يهوى جارية له يقال لها خنث وكانت من أجمل النساء وأكلمهن وكان لها خال فوق شفتها العليا وكانت تعرف بذات الخال، ولإبراهيم ولغيره فيها أشعار كثيرة نذكر منها كل ما فيه غناء بعد خبرها إن شاء الله.
أخبرني بخبرها الحسين بن يحيى قال: حدثنا جاد بن إسحق قال: حدثني أبي أن جدّي كان يتعشق جارية لقرين الكنى بأبى الخطاب النحاس، وكان يقول فيها الشعر ويغني فيه فشهرها بشعره وغنائه، وبلغ الرشيد خبرها فأشتراها بسبعين ألف درهم.
فقال لها ذات يوم: أسألك عن شيء فإن صدقتني وإلا صدقني غيرك وكذبتك، قالت له بل أصدقك، قال: هل كان بينك وبين إبراهيم الموصلي شيء قط وأنا أحلفه أن يصدقني قال: فتلكأت ساعة ثم قالت: نعم مرة واحدة، فأبغضها وقال يومًا في مجلسه: أيكم لا يبالي أن يكون كشحانًا حتى أهب له ذات الخال، فبكر حمويه الوصيف فقال: أنا، فوهبها له.
وفيها يقول إبراهيم:
أتحسب ذات الخال راجية ربا ... وقد سلبت قلبًا يهم بها حبا
وما عذرها نفسي فداها ولم تدع ... على أعظمي لحمًا ولم تبق لي لبا
الشعر والغناء لإبراهيم خفيف رمل بالسبابة في مجرى الوسطى، وذكر أحمد إبن أبي طهر أن الرشيد إشتراها بسبعين ألف درهم، وذكر قصة حموية كما ذكرها جاد وقال في خبره: فأشتاقها الرشيد يومًا بعدما وهبها لحمويه فقال له: ويلك يا حمويه، وهبنا لك الجارية على أن تسمع غناءها وحدك، فقال: يا أمير المؤمنين مر فيها بأمرك قال نحن عندك غدًا، فمضى فأستعد لذلك وأستأجر لها من بعض الجوهريين بدنة وعقودًا ثمنها أثنا عشر ألف دينار، فأخرجها إلى الرشيد وهو عليها فلما رآه أنكره وقال: ويلك يا حمويه من أين لك هذا وما وليتك عملًا تكسب فيه مثله ولا وصل إليك مني هذا القدر، فصدقه عن أمره فبعث الرشيد آل أصحاب الجوهر فأحضره واشترى الجوهر منهم ووهبه لها ثم حلف ألا تسأله في يومه دالك حاجة إلا قضاها، فسألته أن يولي حمويه الحرب والخراج بفارس سبع سنين، ففعل ذلك وكتب له عهده وشرط على ولي العهد بعده أن يتمها له إن لم تتم في حياته.
حدثني محمد بن يحيى الصولي قال: حدثني محمد بن عبد الله العاصمي قال: حدثني أحمد إبن عبد الله طماس عن عبد الله وإبراهيم أبني العباس الصولي قالا: كانت للرشيد جارية تعرف بذات الخال فدعته يومًا فوعدها أن يصير إليها وخرج يريدها فأعترضته جارية فسألته أن يدخل إليها فدخل وأقام عندها فشق ذلك على ذات الخال وقالت: والله لأطلبن له شيئًا أغيظه به، وكانت أحسن الناس وجهًا ولها خال على خدها لم يرَ الناس أحسن منه في موضعه فدعت بمقاض فقصت الخال الذي كان في خدها.
وبلغ ذلك الرشيد فشق عليه وبلغ فخرج من موضعه وقال للفضل بن الربيع: أنظر من بالباب من الشعراء فقال الساعة رأيت العباس بن الأحنف فقال أدخله فأدخله عرّفه الرشيد الخبر وقال: إعمل في هذا شيئًا على معنى رسمه له فقال:
تخلصت ممن لم يكن ذا حفيظة ... ملت إلى من لا يغيره حال
فإن كان قطع الخال لما تعطفت ... على غيرها نفسي فقد ظلم الخال
غنّاه إبراهيم فنهض الرشيد إلى ذات الخال مسرعًا مسترضيًا لها وجعل هذين البيتين سببًا وأمر العباس بألفي دينار، وأمر إبراهيم الموصلي فغناه في هذا الشعر.
أخبرني محمد إبن يحيى قال: حدثني حمد بن الفضل قال: كان محمد بن موسى المنجم يعجبه التقسيم في الشعر ويشغف بجيد الأشعار فكان مما يعجبه قول نصيب:
ابا بعل ليلى كيف تجمع سلمها ... وحربي وفيما بيننا شبت الحرب
لها مثل ذنبي اليوم إن كنت مذنبًا ... ولا ذنب لي إن كان ليس لها ذنب
روضه من الطويل والشعر لنصيب ويروى للمجنون ويروى لكعب بن مالك الخشعمي والغناء لمالك ثاني ثقيل بالوسطى من غمر وقال: وكان محمد بن موسى ينشد كثيرًا للعباس بن الأحنف.
قال:
1 / 45