عندئذ كانا قد وصلا إلى البوابة. ففتحها جيمي وتقدمه قائد الكشافة إلى المقعد الموجود أسفل شجرة الجاكرندا. «حسنا، إن حكاية مولي حكاية طويلة بعض الشيء. كان حظ مولي عثرا. إذ توفيت أمها وهي رضيعة، وبعد ذلك توفي أبوها. ثم ظلت مدة طويلة تعاني الأمرين مع دون. فقد بدا كأنه مصر على أن يفعل أي شيء ما عدا ما تريده منه. حتى إنها ظنت عدم وجود أمل يرجى منه أبدا. بل إنها كانت على يقين قاطع بأنه سيسلك سبيلا يضل بعده ضلالا شديدا، ولا أدري إن كانت ستتمكن من إنقاذه أم لا لو لم تكن لولي موجودة بجواره دائما. فلا أذكر مرة منذ عرفتهم إلا وكان يراها كأنها فاكهة خوخ وكاكي وكمثرى عتيقة، وسائر تلك الأشياء الطرية. ولا أذكره إلا رافضا أن يفعل شيئا معينا لأنه أمين وشريف ومستقيم، ولأنه الواجب فعله ولأن مولي تريد منه ذلك، في حين أنه قد يفعل الشيء نفسه من أجل لولي إذا هي قبلته أو ربتت عليه قليلا أو ضحكت له أو استمالته بالذهاب إلى حفل للشباب. لكنني أحب مولي لأنها ليست معسولة اللسان. إنها تدخل في صلب الموضوع مباشرة وتعرف هدفها قبل أن تسعى إليه. فإن مولي لا تعرف اللف والدوران بتاتا!»
وضح قائد الكشافة بحركة سريعة من يده كيف تمضي مولي في أمورها. «وأعتقد أنني حين أكبر وأرغب في عمل لأكسب منه قوتي، سأفضل العمل الذي اختارته مولي عن أي عمل آخر في العالم.»
فقال له جيمي: «لقد أدهشتني.» وأضاف: «لقد حيرتني! كنت أعتقد أن التدريس في المدارس هي آخر مهنة قد تختارها في العالم.»
فقال له قائد الكشافة: «أجل، لكن يوجد حاليا أنواع مختلفة من التدريس.» وتابع: «إن التدريس الذي تمارسه مولي ليس من النوع الذي في بالك. إنه ليس التزام الصمت في الفصل وملازمة مكان واحد وفعل الشيء نفسه مرارا وتكرارا. يسمى التعليم الذي تمارسه مولي «تدريس التربية القومية الأمريكية». هل خطر لك قط كم يمكن للفيف كبير من الأطفال الصغار من حول العالم أن يكونوا ساحرين ومثيرين للاهتمام، الكثير من أطفال إيطاليا واليونان وإسبانيا والهند وهاواي واليابان والصين، كائنات صغيرة لطيفة للغاية وسمراء بعيون كبيرة مستديرة؟ لا بد أن تسمعهم وهم يغنون نشيد «بك يا بلدي أتغنى!» لا بد أن تراهم وهم يحيون العلم! لا بد أن تسمعهم وهم يتعلمون الكلمات التي تقول إنه لا يوجد في العالم بأسره بلد كبير وجميل ويطيب العيش فيه مثل الولايات المتحدة. لا بد أن تراهم وهم يتعلمون أن أدمغتهم خلقت ليفكروا بها، وأياديهم خلقت ليعملوا بها، وأن أقدامهم خلقت ليسيروا بها، وأن عيونهم خلقت ليروا بها؛ يروا ما أمامهم، ويروا كل ما حولهم. يا إلهي! كم أحب عمل مولي! أحب أن أساعدها حين تتنزه على الشاطئ معهم.»
قال له جيمي: «أنا نفسي أعتقد أن تلك المدرسة تبدو رائعة للغاية.» وأضاف: «هلا اصطحبتني ذلك اليوم حين تدرس مولي مادة التربية القومية الأمريكية على الشاطئ؟»
قال قائد الكشافة: «سأفعل بالتأكيد!» وتابع: «ستسر مولي لرؤيتك. يسر مولي دائما أن ترى أي شخص مؤمن بأمريكا ومؤمن بالله. إن إيمانها بالاثنين قوي. وكذلك أي شخص يسلك سلوكا قويما ويجد في السعي ويتصرف بأمانة كما أخبرتك. لا بد أن تراها وهي تصوب وتمتطي الخيل. لو كنت مليونيرا وكان لدي فائض من الأموال، كان أول شيء سأشتريه، بعد شراء حصان من النوع الذي أريده لنفسي، هو حصانا من النوع الذي تريد مولي الحصول عليه.»
وإذا بقائد الكشافة ينهض.
ويقول: «لا بد أن أهرع حالا إلى المنزل؛ فإني لا يكاد يكون لدي وقت لارتداء ملابسي الأخرى، في حال أنها لم تسرق وتصبح هناك كارثة في انتظاري.» «هل هناك أي شيء أستطيع فعله لأجنبك المتاعب؟» سأله جيمي.
فأجابه قائد الكشافة: «ولا أي شيء يا عزيزي الطيب. ولا أي شيء. لكن شكرا، أشكرك شكرا جزيلا على نواياك الطيبة.»
ضم قائد الكشافة كعبيه محدثا صوتا، ووضع كفه على بطنه، وانحنى. بعدئذ دار الصغير، ليمضي في الممشى. وبعد بضع خطوات استدار قائد الكشافة وهتف مجددا قائلا: «لم يتسن لي الوقت اليوم، لكن ذكرني المرة القادمة حين آتي وسأؤدي لك حركتي البطة العرجاء والدجاجة المبتلة. لقد ابتكرتهما بنفسي. لا بد أن يكون معي ثوب السباحة ورصيف للقفز لأؤديهما بشكل صحيح، لكن يمكنني التظاهر بأنني ارتديت ثوب السباحة وأن الممشى هو الرصيف وتحته المياه، وأريك كيف تبدو. إنني بارع في حركة الدجاجة المبتلة. أعتقد أنني أؤديها بأسلوب رائع.»
Page inconnue