ترجمة
دينا عادل غراب
مراجعة
محمد يحيى
إلى جين الصغيرة التي أوحت لي بشخصية الكشافة الصغير.
الفصل الأول
سيد قراره
«جيمس لويس ماكفارلين.»
أنزل صاحب هذا الاسم قدميه على الأرض وجلس منتصبا فجأة، محيطا ركبتيه بيديه الكبيرتين حتى يتوازن. كان طوال الساعة الماضية، يصغي بين فترات من النعاس شبه الواعي، إلى الحكم الذي يتلوه رجال في موقع المسئولية على الرجال الذين يملكون زمام مصائرهم في أياديهم، لكن لم يرق له أن تعرض حالته هو عليهم للبت فيها.
لقد جلس في ذلك الصباح طوال ساعة تحت أشعة الشمس أمام مبنى المستشفى الضخم حيث يحاول بلدنا علاج الرجال الذين كانوا بالخارج للمشاركة في الحرب. وأدرك مؤخرا أنه في معركته لاستعادة عافيته يشن حربا خاسرة. إذ لم يستطع التغلب على الجرح الناجم عن إصابته بشظايا في الجزء الأيسر من صدره بالنجاح نفسه الذي حارب به العدو. لذلك عزم على اختبار قوته. فنهض ونزل إلى الطريق ليعرف إلى أين قد تحمله ساقاه على وجه التحديد. لكنه نسي أن يضع في حسبانه أن نزول الجبل أسهل كثيرا من صعوده؛ ومن ثم واصل السير حتى بدأت ركبتاه تخوران ووجد أن طاقته قد استنفدت. فاستراح بعض الوقت ثم استدار عائدا، لكن كانت رحلة الصعود بطيئة الوتيرة، بذل خلالها مجهودا مؤلما؛ مجهودا جعل العرق البارد يسيل منه والنار المتأججة تشتعل في صدره الأيسر، فيما صارت الأربطة المحيطة بكتفيه وحول جسده أدوات لتعذيبه. وظلت شمس كاليفورنيا الحارة مسلطة عليه حتى تقطعت أنفاسه. فاضطر مرارا إلى أن يتوقف ويلتمس مكانا للاستراحة على أي صخرة ناتئة أو رصيف جاف على جانب الجبل. وقد أنهكت عيناه المتعبتان من مشهد الألوان المبهرة الذي امتد محيطا به من كل جانب؛ فهناك اللون الأخضر لأشجار البلوط الحي ونباتات البهشية الزاهية، واللون الأبيض المخالط للزهري لزهور أشجار المانزانيتا المتخذة شكل الجرار، والمخمل المائل إلى اللون الأرجواني لنبات المريمية، والأزرق الأرجواني لزهور المريمية الشوكية بنسيجها الرقيق المتكتل. الأشياء الوحيدة التي رآها كانت رءوس نبات المحارب الهندي المتواترة، وقد لفتت نظره لأنها كانت مثل الجروح على الأرض، في حمرة الدم الحقيقي، في حمرة الدم الذي أغرق العديد من ساحات المعارك، الذي سال في عدة مستشفيات، الذي يراه كل يوم في الضمادات التي تزال من جانبه.
Page inconnue