وبعد نصف ساعة صعد يسير على الرصيف المعشوشب المقابل لباب مارجريت كاميرون وابتسم لها. كان وجهه الشاحب متوردا على غير العادة، فنظرت مارجريت كاميرون إليه بفضول من فوق حمل من القصاصات كانت تحملها ثم حدقت فيه بتأنيب. وقالت موجهة إليه الاتهام: «أراهن بربع دولار أنك ذهبت إلى كشك الحي وتناولت «السجق» مع أولئك الصغار.»
فابتسم لها جيمي بمرح.
وقال مبتهجا: «تفوزين!» ثم أضاف: «يا إلهي! كم كان شهيا!»
الفصل العاشر
إنها إرادة الخالق
حين أجاب جيمي على الهاتف في ذلك اليوم تلقى دعوته لزيارة المستشفى. وفي الساعة الثانية بعد ظهر اليوم التالي ركب الترام مرة أخرى متجها إلى المدينة، ومن دون أي صعوبة على الإطلاق اتجه إلى أحد أكبر مستشفياتها. وفي الحال تقريبا أخذ إلى حجرة سيد النحل، حجرة كبيرة تسطع فيها أشعة الشمس وتلهو الرياح في أنحائها ويشوب هواءها عطر آت من وعاء وضعت فيه ورود صفراء. لحظة أن رأى جيمي تلك الورود أدرك أنها إن لم تكن من الشجيرات المزروعة بجانب باب مارجريت كاميرون، فلا بد أنها من شجيرات أخرى من فصيلة أو نوع مطابقين. صفرة الورود، وحلاوة عطرها الرقيق كانت في أنفه وهو يدور حول الستار القائم بجانب الفراش ليقف في مواجهة سيد النحل.
لم يدر ما الذي كان يتوقعه بالضبط. لكن ما رآه انفطر له قلبه. فإن الرجل الذي أسنده حتى الأريكة، وساعده على دخول عربة الإسعاف، كان مريضا وكان يتصبب عرقا من فرط الألم؛ لكنه كان نابضا بالحياة، ولديه فرصة في النجاة تجلت في قوة جسده، وصلابة عضلاته والضوء الذي في عينيه. أما الجسد المسجى أمام جيمي على الفراش فقد بدا له بلا حياة وإنما روح، روح ربما تنطفئ وترحل في أي لحظة. فلم يتبق في اليد الشاحبة التي امتدت نحوه المزيد من القوة. وبصعوبة علا الصوت الذي حياه عن الهمس. وكانت العينان اللتان تفقدتا وجهه واستقرتا عليه متعبتين تعبا يكاد يفوق الاحتمال.
لإخفاء صدمته، وإحساسه بالشفقة؛ جر جيمي كرسيا وطفق يتحدث عن الشيء الذي يعلم أنه أكثر ما يشغل بال سيد النحل.
قال جيمي: «أولا، لا بد أن أخبرك أنني لدي مناعة من النحل. لقد ارتديت معطفك، واستخدمت النعناع والقرنفل وزنابق مادونا التي وصفها لي مساعدك، وقد كانت فعالة حتى رغم الضمادات التي أحملها على جنبي. كما أنني أستطيع ملء أحواض المياه وقياس الكمية المناسبة من الملح والمرور أمام أي قفير من القفائر بسلام. لم يتيسر لي الكثير من الوقت للدراسة، لكن النحل في حال من الازدهار على حد علمي. كما أن مساعدك يبلغك برسالة تفيد بأنهم بخير، ويبدو أن الصغير على علم حقا بالأمر.»
قال سيد النحل: «بالتأكيد، إن مساعدي على علم بحق. لدى مساعدي معرفة نادرة ومكتملة بالنحل، تؤهله حتى لإجراء عملية دقيقة مثل قص أجنحة الملكة.»
Page inconnue