أدخل جيمي أصابعه في جيبه وأخرج وسام خدمة ووسامين للشجاعة ومدها إليها، فتقدمت مارجريت كاميرون وضمت يديه المرتعتشتين الشاحبتين بيديها وقالت: «فليباركك الله، يا بني! إنني أحفظ روتين سيد النحل عن ظهر قلب، ورغم أنني ليس لدي معرفة كبيرة بالنحل؛ لأن كل اهتمام سيد النحل كان تعليم الكشافة الصغير، لكن لدي معلومات كافية لأدلك على مكان أحواض المياه وكيف تجعلها باستمرار ممتلئة بالخليط المناسب من المياه، ولا تتعجب، فهي تحب أن يوضع فيها رشة ملح، وأستطيع أن أستعرض معك الزهور وأريك أيها تحتاج إلى ماء أكثر ومتى. أعتقد أنك إذا استرحت بضعة أيام فستستطيع أن تنجز الأمر على أكمل وجه، وسوف أطهو وجباتك كما كنت أطهوها دائما لسيد النحل. أرجو فقط أن تخبرني بما تحبه تحديدا وكيف تريده. فكل شخص له ذوق خاص.»
قال جيمي: «هذا كرم بالغ منك.» وتابع: «إنني على استعداد للإقرار بأنني أتضور جوعا الآن، وإنني متأكد أن أيا ما أتيت به فسيكون مناسبا.»
ومن ثم ذهب إلى المطبخ وتناول الطعام الذي أحضرته له مارجريت كاميرون. وقد تعلم كيف يشغل موقد الغاز في حال أراد شرابا ساخنا في أي وقت من الأوقات. كما أنه أخبر بالمكان الذي يوجد فيه صندوق الثلج الصغير في الشرفة الخلفية حيث يوضع يوميا زجاجة قشدة وزجاجة حليب، ولاحظ سلة بيض وبعض الفاكهة، ثم ذهبا معا إلى الحديقة وعرف أماكن وصلات الخراطيم المختلفة وأعطي توجيهات مفصلة حول ري الزهور.
وحين لاحظت كم كانت حركته مضطربة جدا وكم كانت قدماه متورمتين للغاية، وحين رأت يديه الهزيلتين الشاحبتين وقد نتأت فيهما العروق الزرقاء، توصلت مارجريت كاميرون إلى قراراتها الخاصة. حين اقتربا من الجدران الخلفية تقدمت ببطء شديد لتمهل جيمي الوقت لمجاراتها، وحين وصلا إلى الباب الخلفي سألته قائلة: «هل لديك مناعة من النحل؟»
نظر جيمي إليها لوهلة في صمت متسائل، متفكرا في ذلك السؤال، ثم قال: «لا أعتقد البتة أنني أعرف قصدك بعبارة «المناعة من النحل».»
قالت مارجريت كاميرون: «عجبا، أقصد أن هناك أناسا في هذا العالم لا يحبهم النحل. هناك أناس إن ساروا عبر أي من الخطين الجانبيين لهذه الحديقة فسيلاقون موتا محققا في غاية البشاعة. هناك أناس يكرههم النحل بالفطرة، وهناك آخرون يكتسبهم أصدقاء على الفور. هناك نوع من البشر يمكنه أن يرفع سقف القفير ويغترف حفنة من النحلات العاملات. ومنهم رجل يأتي أحيانا لمساعدة سيد النحل فيتجول حاملا النحل في قمة قبعته. لكن هذا لا يثبت أنها قد تكون آمنة لكل شخص.»
تفكر جيمي في الأمر. «كيف لي أن أكتشف ما إن كان لدي «مناعة من النحل»؟» تساءل، وهو يستند إلى إطار الباب مواجها المرأة الواقفة قبالته وقد لاحظ أنها تكاد تكون بنفس طوله.
قالت مارجريت كاميرون: «هنا بالضبط، يأتي دور الكشافة الصغير. لم يترك سيد النحل أي شيء يعلمه عن النحل دون أن ينقله بعناية لمساعده؛ معاونه الأول. أعتقد أنك سيأتيك زائر اليوم أو غدا. إن لم يأت فسوف أهاتفه. اسمع نصيحتي وابتعد عن القفائر حتى تحصل على إرشاداتك.»
بعد ذلك جمعت مارجريت كاميرون الصحون التي استخدمها جيمي في سلة، وعبرت الفناء الجانبي، ودخلت حديقة منزلها من خلال بوابة صغيرة.
وقف جيمي يشاهدها وهي تذهب إلى منزل أبيض من دور واحد بدا مبهجا ودافئا، بدا أنه ربما احتاج إلى القدر نفسه من العمل والمدة الزمنية نفسها في بنائه، لكنه، بطريقة ما، افتقر إلى السحر الجذاب الذي تمتع به منزل سيد النحل.
Page inconnue