قبل أن يتسنى لجيمي الوقت ليقول أو يفعل أي شيء، كان جسم قائد الكشافة متدليا لا يمسكه سوى إصبع يده اليمنى الصغيرة فحسب.
صاح الصغير وهو يتأرجح: «لقد تعبت!» وأضاف: «انتبه! فسأهبط! سأستهدف النزول على التربة. اتصل بجرايسون إن هبطت على الحجر!»
وهبط قائد الكشافة، فحط برشاقة وبمنتهى الدقة على تربة الحديقة التي كانت مروية حديثا، على بعد أربع بوصات تقريبا من الأحجار التي كانت من الممكن أن تكسر ساقه بمنتهى السهولة.
فقال له جيمي: «فلتنصت لي. لقد أخبرتك أنني لم أكن على ما يرام في وقت من الأوقات، أليس كذلك؟»
أجابه قائد الكشافة: «نعم، ولم تكن بحاجة إلى إخباري!» ثم أردف قائلا: «كان بإمكاني أن أرى ذلك وحدي، لكن أرى الآن أنك في غاية البأس. تستطيع قيادة محراث بخاري أو تشغيل كسارة أحجار أو ضرب أحد اللصوص إن أردت. لن أفعل ذلك مجددا.»
وبعد ذلك ثبت قائد الكشافة قدميه الصغيرتين أمام جيمي مباشرة ونظر إليه وفي أعماق عينيه الداكنتين تتراقص الشقاوة نفسها.
سأل الكشافة الصغير ساخرا: «لقد أثرت حنقك، أليس كذلك؟» وتابع: «وجعلتك تظن أنك ستضطر إلى الذهاب إلى الهاتف وتتصل بأمي لتأتي بسيارة الإسعاف. عجبا! ها هو هاتفك يرن!»
جاوز جيمي مرحلة حين كان رنين الهاتف حدثا، فقد أصبح يرن كثيرا تلك الأيام. قد يكون كاري هو المتصل ويريد مساعدة. وقد يكون جرايسون ليشرح تفصيلة قانونية جديدة قابلته. وقد يكون اتصالا من البنك. وقد تكون أم قائد الكشافة تريد أن يعود طفلها إلى المنزل. مسح جيمي يديه في سرواله وسار إلى الهاتف ورفع السماعة. جلس قائد الكشافة على الصخور التي ابتعد عنها عند نزوله فلم تكسر عظامه، وبزهو شغوف راح يتفحص النصف الغربي من الحديقة الذي كانا يعملان فيه والذي شكل أملاكه الشخصية المحببة إلى نفسه.
وبينما كان يجول بنظره في أنحاء الفدان الممتد حتى البحر، قال الكشافة الصغير: «بعد أن أفرغ من المدرسة الثانوية سآتي لأعيش هنا. فليهنئوا هم بكلياتهم اللعينة ويفعلوا بها كيفما شاءوا! أما أنا فسأتعلم من الكتب التي وضعها سيد النحل في مكتبته. فكما كانت نافعة له فستصبح نافعة لي، وبينما أقرأ كتبه سأظل أفكر فيه. من الأسباب التي ستجعلني أحافظ على نقاء سيرتي وأسلك سلوكا قويما وأصبح محترما مثلما كان هو رغبتي في الذهاب حيث ذهب، حتى نرى ما يمكننا الفوز به من الجنة معا مثلما استمتعنا كثيرا على الأرض. ويحي! ليته يعلم كم أشتاق إليه!»
بداخل المنزل، وقف جيمي أمام الهاتف بوجه شاحب، متشبثا بالهاتف التماسا للدعم، بينما راح كل جزء من جسده ينتفض، وقد فارقته قوته التي استعادها منذ مدة ليست بالبعيدة، متمزقا حتى الأعماق. كان قد رفع السماعة وقال «مرحبا!» بلا مبالاة كما قد يقولها أي رجل آخر، ورد بعد ذلك بالإيجاب على استفسار: «هل أنت جيمس لويس ماكفارلين من منحل سييرا مادري!» فجاءه الصوت مستأنفا: «أنت مطلوب حالا وضروريا في مستشفى التوليد، الواقعة عند زاوية تقاطع شارعي أيرولو وسفنتينث.»
Page inconnue