١
- بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
وَصلى الله على مُحَمَّد
رَبنَا آتنا من لَدُنْك رَحْمَة وهيئ ٢ لنا من أمرنَا رشدا رب أوزعني أَن أشكر نِعْمَتك الَّتِي أَنْعَمت عَليّ وعَلى وَالِدي وَأَن أعمل ٣ صَالحا ترضاه وأدخلني بِرَحْمَتك فِي عِبَادك الصَّالِحين
أَحْمد الله على آلائه وأشكره على ٤ نعمائه وأصلي على مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَأسلم
وَبعد
فالعلم بِحَدِيث رَسُول الله صلى الله ٥ عَلَيْهِ وَسلم وَرِوَايَته من أشرف الْعُلُوم إِذْ هُوَ ثَانِي الأساس والمقدم على الْإِجْمَاع وَالْقِيَاس ٦
وَقد صنف فِيهِ الْأَئِمَّة التِّرْمِذِيّ فِي جَامعه وَعلله وَالْحَاكِم فِي
1 / 37
١ - أُصُوله ومدخله والخطيب فِي كِفَايَته وجامعه
1 / 38
١ - وَمن أجمعها كتاب الْعَلامَة الْحَافِظ تَقِيّ الدّين أبي عَمْرو بن الصّلاح سقى الله ثراه ٢ وَجعل الْجنَّة مَأْوَاه فَإِنَّهُ جَامع لعيونها ومستوعب لفنونها
وَجعل أَنْوَاعه زَائِدَة على السِّتين ٣ وَأَنَّهَا تزيد على ذَلِك
وَقد وَقع الِاخْتِيَار بِفضل الله وقوته على تلخيصه وتقريبه وتنقيحه
1 / 39
١ - وتهذيبه مَعَ زيادات عَلَيْهِ مهمة وفوائد جمة لَا تلفى مسطورة وَلَا تكَاد تُوجد فِي الْكتب ٢ الْمَشْهُورَة من الله تَعَالَى بِالْوُقُوفِ عَلَيْهَا وتفضل بإفادة المتشوقين إِلَيْهَا
وَعلمت للزِّيَادَة ٣ عَلامَة دَائِرَة بالحمرة فِي أَولهَا وَآخِرهَا وَرُبمَا قلت فِي أَولهَا قلت وَفِي آخرهَا عَلامَة الدائرة ٤ الْمَذْكُورَة
جعله الله لوجهه خَالِصا وللمشتغل بِهِ نَافِعًا فَإِنَّهُ بِيَدِهِ والقادر عَلَيْهِ وَهُوَ ٥ حسبي وَنعم الْوَكِيل وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم
1 / 40
١
- النَّوْع الأول
الصَّحِيح
وَهُوَ لُغَة ضد المكسور والسقيم
وَفِيه مسَائِل
الأولى
لَا ٢ شكّ أَن الحَدِيث يَنْقَسِم إِلَى صَحِيح وَحسن وَضَعِيف فَالصَّحِيح الْمجمع عَلَيْهِ
مَا اتَّصل إِسْنَاده بالعدول ٣ الضابطين من غير شذوذ وَلَا عِلّة
وَفِي هَذِه الْأَوْصَاف احْتِرَاز عَن الْمُرْسل والمنقطع والمعضل ٤ والشاذ وَمَا فِيهِ قادحة وَمَا فِي رُوَاته نوع جرح
1 / 41
١
- قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين فِي الاقتراح وَفِي هذَيْن الشَّرْطَيْنِ نظر على مُقْتَضى مَذْهَب الْفُقَهَاء ٢ فَإِن كثيرا من الْعِلَل الَّتِي يُعلل بهَا المحدثون لَا تجْرِي على أصُول الْفُقَهَاء
فَإِذا قيل ٣ حَدِيث صَحِيح فَهَذَا مَعْنَاهُ لَا أَنه مَقْطُوع بِهِ فِي نفس الْأَمر إِذْ مِنْهُ مَا ينْفَرد بروايته عدل ٤ وَلَيْسَ من الْأَخْبَار الَّتِي أَجمعت الْأمة على تلقيها بِالْقبُولِ
1 / 42
١
- وَكَذَا إِذا قيل هَذَا حَدِيث غير صَحِيح فَمَعْنَاه لم يَصح إِسْنَاده إِذْ قد يكون صدقا فِي نفس ٢ الْأَمر
قَالَ الشَّافِعِي إِذا روى الثِّقَة عَن الثِّقَة حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ ٣ وَسلم فَهُوَ ثَابت
1 / 43
١ - ثمَّ الصَّحِيح يَنْقَسِم إِلَى مُتَّفق عَلَيْهِ ومختلف فِيهِ كَمَا فِي الْمُرْسل عِنْد الْقَائِل بِهِ
وينقسم ٢ إِلَى مَشْهُور وغريب كَمَا ستعلمه
ثمَّ إِن دَرَجَات الصَّحِيح تَتَفَاوَت فِي الْقُوَّة لِأَن تفَاوت مَرَاتِب ٣ الصِّحَّة مُرَتّب على تمكن الْإِسْنَاد فِي شُرُوط الصِّحَّة
1 / 44
١ - ويعز وجود أَعلَى دَرَجَات الْقبُول فِي كل فَرد فَرد فِي تَرْجَمَة وَاحِدَة بِالنِّسْبَةِ لجَمِيع الروَاة ٢ بِحَسب تمكن الصَّحِيح من الصِّفَات الْمَذْكُورَة الَّتِي تبنى الصِّحَّة عَلَيْهَا
وتنقسم بِاعْتِبَار ذَلِك ٣ إِلَى أَقسَام يستعصي إحصاؤها على الْعَاد الحاصر
وَلِهَذَا نرى الْإِمْسَاك عَن الحكم لإسناد ٤ أَو حَدِيث بِأَنَّهُ الْأَصَح على الْإِطْلَاق
وخاض جمَاعَة غمرة ذَلِك فاضطربوا
فَقَالَ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه ٥ أَصَحهَا الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه وَنَحْوه عَن الإِمَام أَحْمد
وَقَالَ الفلاس وَغَيره أَصَحهَا ابْن ٦ سِيرِين عَن عُبَيْدَة عَن عَليّ ثمَّ مِنْهُم من عين الرَّاوِي عَن مُحَمَّد بن سِيرِين وَجعله أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ ٧ وَمِنْهُم من جعله ابْن عون
وَقَالَ يحيى بن معِين أَجودهَا الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة عَن ٨ ابْن مَسْعُود
وَقَالَ أَبُو بكر بن أبي شيبَة أَصَحهَا الزُّهْرِيّ عَن عَليّ بن الْحُسَيْن
1 / 45
١ - عَن أَبِيه عَن عَليّ
وَقَالَ البُخَارِيّ أَصَحهَا مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر
قَالَ أَبُو مَنْصُور ٢ التَّمِيمِي فعلى هَذَا أجلهَا الشَّافِعِي عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر لإِجْمَاع أهل الحَدِيث على ٣ أَنه لم يكن فِي الروَاة عَن مَالك أجل من الشَّافِعِي
قلت هَذَا أجلهَا الإِمَام أَحْمد عَن الشَّافِعِي ٤ عَن مَالك بِهِ
وَقد وَقع كَذَلِك فِي مُسْند الإِمَام أَحْمد فِي هَذِه أَحَادِيث مِنْهَا حَدِيث ابْن عمر ٥ مَرْفُوعا لَا يبع بَعْضكُم على بيع بعض الحَدِيث بِطُولِهِ
1 / 46
١ - وَقَالَ آخَرُونَ أَصَحهَا يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة حكاة الْحَاكِم
وَقيل ٢ شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن سعيد بن الْمسيب عَن عَامر أخي أم سَلمَة عَن أم سَلمَة حَكَاهُ الْحَاكِم أَيْضا
1 / 47
١ - وَفِي الْمُتَّصِل والمنقطع لِلْحَافِظِ أبي بكر البرديجي الْأَحَادِيث الصِّحَاح الَّتِي أجمع أهل ٢ الحدي على صِحَّتهَا من جِهَة النَّقْل مثل الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه عَن عمر وَالزهْرِيّ عَن سَالم ٣ عَن أَبِيه عَن النَّبِي ﷺ من رِوَايَة مَالك بن أنس وَابْن عُيَيْنَة وَمعمر والزبيدي ٤ وَعقيل وَالْأَوْزَاعِيّ مَا لم يخْتَلف فِيهِ فَإِذا وَقع الِاخْتِلَاف فِي مثل هَذَا بَين هَؤُلَاءِ الَّذين ٥ ذَكَرْنَاهُمْ توقف عَنهُ وَقد خَالف سالما فِي أَحَادِيث
قَالَ وَمثل الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب ٦ عَن أبي هُرَيْرَة وَمثل الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي ﷺ ٧ من رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ وَهِشَام مَا لم يَقع الِاخْتِلَاف وَالِاضْطِرَاب فِيهِ ثمَّ أوضح ذَلِك
1 / 48
١ - وَقَالَ الْحَاكِم لما حكى الْخلاف السالف فِي أصح الْأَسَانِيد قد ذكر كل وَاحِد مِنْهُم مَا ٢ أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده فِي ذَلِك وَلكُل صَحَابِيّ رُوَاة من التَّابِعين وَلَهُم أَتبَاع وَأَكْثَرهم ثِقَات لَا ٣ يُمكن أَن نقطع بالحكم فِي أصح الْأَسَانِيد لصحابي وَاحِد فَنَقُول
إِن أصح أَسَانِيد أهل الْبَيْت ٤ جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جده عَن عَليّ إِذا كَانَ الرَّاوِي عَن جَعْفَر ثِقَة
1 / 49
١ - وَأَصَح أَسَانِيد الصّديق إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن قيس بن أبي حَازِم عَنهُ
وَأَصَح أَسَانِيد ٢ عمر الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه عَن جده
وَأَصَح أَسَانِيد أبي هُرَيْرَة الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب ٣ عَنهُ
وَقَالَ خَ أَصَحهَا أَبُو الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَنهُ
ولعَبْد الله بن عمر مَالك عَن نَافِع عَنهُ ٤
ولعائشة عبيد الله بن عمر عَن الْقَاسِم عَنْهَا
1 / 50
١ - قَالَ يحيى بن معِين تَرْجَمَة مشبكة بِالذَّهَب
وَالزهْرِيّ عَن عُرْوَة عَنْهَا
وَلابْن مَسْعُود الثَّوْريّ ٢ عَن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة عَنهُ
ولأنس بن مَالك مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَنهُ
وَأَصَح أَسَانِيد ٣ المكيين سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن جَابر
وَأَصَح أَسَانِيد اليمانيين معمر عَن ٤ همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة
وَأثبت أَسَانِيد المصريين اللَّيْث عَن يزِيد بن أبي حبيب عَن ٥ أبي الْخَيْر عَن عقبَة بن عَامر
وَأثبت أَسَانِيد الشاميين الْأَوْزَاعِيّ عَن حسان بن عَطِيَّة عَن ٦ الصَّحَابَة
1 / 51
١ - وَأثبت أَسَانِيد الخرسانيين الْحُسَيْن بن وَاقد عَن عبد الله بن بُرَيْدَة عَن أَبِيه
1 / 52
١ -
1 / 53
١
- الثَّانِيَة
من رأى فِي هَذِه الْأَزْمَان حَدِيثا صَحِيح الْإِسْنَاد فِي كتاب أَو جُزْء لم ينص ٢ على صِحَّته حَافظ مُعْتَمد فَلَا يحكم بِصِحَّتِهِ لضعف أَهْلِيَّة هَذِه الْأَزْمَان
قلت فِيهِ نظر لَا جرم ٣ خَالفه فِيهِ النَّوَوِيّ وَقَالَ الْأَظْهر عِنْدِي جَوَازه لمن تمكن وقويت مَعْرفَته وَهُوَ كَمَا قَالَ لعدم ٤ الْمَعْنى
1 / 54
١ - الَّذِي علل بِهِ الشَّيْخ وَقد صحّح غير وَاحِد من المعاصرين لِابْنِ الصّلاح وَبعده أَحَادِيث ٢ لمن تقدمهم فِيهَا تَصْحِيحا كَأبي الْحسن بن الْقطَّان والضياء الْمَقْدِسِي والزكي عبد الْعَظِيم ٣ وَمن بعدهمْ
1 / 55
١
- الثَّالِثَة
أول من صنف الصَّحِيح يَعْنِي الْمُجَرّد البُخَارِيّ ثمَّ تلاه مُسلم مَعَ أَنه أَخذ عَن ٢ البُخَارِيّ واستفاد مِنْهُ وَمَعَ ذَلِك يُشَارِكهُ فِي كثير من شُيُوخه
قلت وَادّعى الْقُرْطُبِيّ فِي أول ٣ مفهمه أَن مُسلما أَخذ كتاب البُخَارِيّ فَجعله فِي كِتَابه وَلَعَلَّ جَوَابه مَا ذكره الشَّيْخ من مشاركته ٤ لَهُ فِي كثير من شُيُوخه
1 / 56