المقرر على أبواب المحرر
تصنيف
الإمام العالم العلامة فريد دهره ووحيد عصره
يوسف بن ماجد بن أبي المجد (المقدسي الحنبلي)
تغمده الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته، آمين
من تلاميذ شيخ الإسلام ابن تيمية
حققه وخرج أحاديثه
حسين إسماعيل الجمل
دبلوم الدراسات العليا في الوثائق
قسم المكتبات - جامعة القاهرة
[المجلد الأول]
Page inconnue
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة المحقق
الحمد للَّه نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ باللَّه من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده اللَّه فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب ﵁ قال: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى اللَّه ورسوله فهجرته إِلى اللَّه ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه" متفق على صحته.
أما بعد. .
فهذا كتاب "المقرر على أبواب المحرر" تصنيف الإمام العالم الشيخ يوسف بن ماجد بن أبي المجد المقدسي ﵀، صنفه على أبواب "المحرر" للإمام العلامة الشيخ أبي البركات ابن تيمية ﵀، حيث أورد تحت كل باب من أبواب "المحرر" الأحاديث المناسبة له، فجاء كتابه جامعًا بين الفقه والحديث، وحافلًا للفوائد الفقهية والحديثية مما لا يستغني عنه كل طالب علم حريص على اتباع الدليل ومعرفة الحق بشاهده.
لذا فقد عزمت على تحقيقه وتخريج أحاديثه حسب الوسع والطاقة سائلًا المولى سبحانه أن يتقبله مني بقبول حسن، وأن يجعله في موازين حسنات كل من أعان على طبعه ونشره، واللَّه ولي التوفيق.
1 / 3
ويأتي هذا الكتاب في سياق ما تقدمه المؤسسة من كتب أهل السنة والجماعة؛ حيث قدمت أمهات الكتب التي من شأنها الحفظ على فقه العلماء الأوائل وتقديمه بشكل يتناسب مع متطلبات هذا العصر؛ فعنيت بالتفصيل والترقيم، والتعليق على ما أشكل والتأكيد على صحة النص بالرجوع إلى المخطوطات المنتشرة في المكتبات العامة والخاصة، للتأكد من صحة النص، حتى غدا هذا الأمر ديدنًا لا يمكن الحياد عنه.
فكان ما تصدره محط أنظار أهل العلم والفضل، وأصبح ما قدمته المؤسسة من كتب السنة النبوية في مأمن من عبث العابثين، وتحريف المغالين، وانتحال المبطلين.
وكذلك فقد قدمت الكثير من كتب أئمة الفقهاء أصحاب الفضل؛ بما سبقوا إليه من رسم قواعد الاستنباط ومسالك الاجتهاد والنظر، وبما بذلوا من جهود في تخريج أحكام الفقه الإسلامي.
وكتاب "المحرر في الفقه" (١) من الكتب المهمة، هذبه مصنفه وجعله مختصرًا، ورتبه محررًا.
ومؤلفه هو الفقيه الأصولي النحوي المقرئ، شيخ الإسلام مجد الدين أبو البركات عبد السلام بن عبد اللَّه بن أبي القاسم بن الخضر بن محمد بن علي ابن تيمية الحراني صاحب "منتقى الأخبار" في أحاديث الأحكام، وشارح "هداية" أبي الخطاب المولود بحران سنة (٥٩٠ هـ) والمتوفى بها يوم الجمعة عيد الفطر سنة (٦٢٥ هـ) (٢).
وقد تم -بفضل اللَّه وعونه- تحقيق المحرر وإخراجه في المؤسسة، بعد مقابلته على نُسخه الخطية.
وكتاب "المحرر" عبارة عن متن شبيه بمتن "المقنع" لابن قدامة ولكنه صغير
_________
(١) نقلًا عن كتاب: المذهب الحنبلي للدكتور عبد اللَّه بن عبد المحسن التركي مؤسسة الرسالة (١/ ٤٥٧ - ٤٥٨).
(٢) يأتي التعريف بالمصنف ﵀.
1 / 4
الحجم، وخال من الأدلة والتعليلات، وجيز اللفظ والعبارات.
وهو حاوٍ لأكثر أصول المسائل، خاليًا من العلل والدلائل فكان مصدرًا من المصادر الهامة، وهو صنو "المقنع" كما أن مصنفه "المجد" صنو "الموفق" متوازيان في الترجيح لدى أهل المذهب. فيقال: إن المذهب ما اتفق عليه الشيخان الموفق والمجد.
وكتاب "المقرر على أبواب المحرر" هو في أحاديث الأحكام، رتبه المصنف على أبواب "المحرر" على غرار ما صنع ابنُ عُبيدان في كتابه "المطلع" ويوسف المرداوي في كتابه "الانتصار".
وختامًا: أتقدم بالشكر إلى فضيلة الدكتور/ سعد عبد اللَّه الحميد، على فوائده العلمية الجمة التي استفدتها من فضيلته، ولعل تفضله عليَّ بنسخة خطية من "خلاصة الأحكام" للحافظ النووي إبَّان تحقيقي له، من أدلِّ الشواهد على عائدنة الخيرة، شكر اللَّه له، ونفعنا بعلمه.
ولا يفوتني أيضًا في هذا المقام أن أذكر الإشارة الكريمة التي تفضل بها علي فضيلة الشيخ/ عبد العزيز القاسم -القاضي بالمحكمة الكبرى بالرياض سابقًا، حفظه اللَّه- إذ أشار على فضيلته أن أدرج متن "المحرر" في كتاب "المقرر" تسهيلًا لطالب العلم عند مراجعة مسائل "المحرر" مع أدلتها من "المقرر". وإنها لإشارة جديرة بالامتثال والتنفيذ لما فيها من الفائدة الظاهرة التي لا تخفى على المشتغلين بالعلم الشرعي، غير أني آثرت بادي الرأي، أن أخرج كتاب "المقرر" على الصورة التي أرادها مؤلفه دون إلحاق متن "المحرر" به، ولعلي بعد إخراج هذه النشرة من "المقرر" أن أحقق إن شاء اللَّه إشارة فضيلة الشيخ/ عبد العزيز القاسم -حفظه اللَّه- ونفع به.
[واللَّه من وراء القصد وهو يهدى السبيل]
* * *
1 / 5
ترجمة المؤلف (١)
أ- اسمه:
الشيخ الفقيه العالم المفتي جمال الدين، أبو العباس، يوسف بن ماجد بن أبي المجد بن عبد الخالق المرداوي المقدسي من فضلاء الحنابلة.
ب- شيوخه:
حَدث عن الحجار وابن الرضي والشرف بن الحافظ وابن الشحنة وغيرهم.
ج- تأثره بشيخ الإسلام ابن تيمية ﵀-:
صحب المصنف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمهما اللَّه، وتأثر به، فكان كثير الاعتناء بالنظر في كلامه، وينصر مسائله الأصولية، مثابرًا على فتواه في الطلاق وكذا في عدة مسائل، وسجن بسبب ذلك ولا يرجع عن قوله، حتى أنه بلغه أن الشيخ شهاب الدين بن المصري يحُط في درسه على شيخ الإسلام ابن تيمية في الجامع، فجاء إليه وضربه بيده وأهانه.
د- آثاره:
صنف جمال الدين يوسف بن ماجد المصنفات الحسان فمن آثاره العلمية:
١ - "شرح المحرر".
_________
(١) مصادر الترجمة: الدرر الكامنة (٤/ ٤٦٨)، إنباء الغمر (١/ ٢٥٢)، شذرات الذهب (٦/ ٢٨٢)، والمقصد الأرشد (٣/ ١٤٧ - ١٤٨)، الجوهر المنضد (ص ١٧٩)، السحب الوابلة (ص ٤٩٣)، معجم المؤلفين (٤/ ١٧٨).
1 / 7
٢ - "النهاية في تصحيح الفروع".
٣ - "المقرر على أبواب المحرر" كتابنا هذا.
وقال ابن عبد الهادي في "الجوهر المنضد" (ص: ١٨٠): "صنف كتابًا في الفقه، وحكى فيه خلافًا كثيرًا، وفيه أوهام كثيرة وفيه مواضع حسنة، ويذكر في بعض المواضع الخلاف بصيغة: أو".
هـ- وفاته:
توفي ﵀ في التاسع عشر من صفر سنة ٧٨٣ هـ.
* * *
1 / 8
أولًا: وصف المخطوط
أ- مكان وجوده:
المخطوط من محفوظات دار الكتب المصرية تحت رقم (٢٥٩٢٢ ب)، ولم أعثر عليه في مكان آخر فيما أعلم.
ب- عنوانه:
احتفظ المخطوط بعنوانه كاملًا على شكل هرم مقلوب.
ونصه: "كتاب المقرر على أبواب المحرر، تصنيف الإمام فريد دهره ووحيد عصره يوسف بن ماجد بن أبي المجد تغمده اللَّه تعالى برحمته وأسكنه فسيح جنته. آمين".
وثبت على يمين العنوان مطالعة للمخطوط ونصها:
"الحمد للَّه، طالع في السفر المبارك الجامع الفقير تقي الدين الحسيني الشافعي -عفي عنه- سنة ١٠٩٠ هـ".
وثبت أيضًا على يسار العنوان تمليك ونصه:
"الحمد للَّه مستحق الحمد، من كتب الفقير عمر بن. . . الحسني الشافعي. لطف اللَّه به".
وثمة تمليك آخر أسفل من الأول ونصه:
"ثم ملكه العبد الفقير محمد بن داود المقدسي الشافعي في سنة ٩٩١".
جـ - عدد لوحاته:
اشتمل المخطوط على ٧٤ لوحة لكل لوحة وجهان، ومسطرة كل وجه ٣٣ سطرًا.
1 / 9
د- مقدمة المخطوط:
احتفظ المخطوط بمقدمة المؤلف، أنقل منها ثلاثة أسطر فحسب ونصها:
(بسم اللَّه الرحمن الرحيم وصلواته وسلامه على سيدنا محمد نبي الرحمة وكاشف الغُمة وشفيع الأمة وسيد الأئمة وعلى آله وصحبه، قال الشيخ الإمام العالم العلامة جمال الدين أبو عبد اللَّه يوسف بن ماجد بن أبي المجد المقدسي قدس اللَّه روحه ونور ضريحه: الحمد للَّه نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ باللَّه من شرور أنفسنا).
هـ- خاتمة المخطوط:
احتفظ المخطوط بخاتمته ونصها:
"تم الكتاب والحمد للَّه وحده، وصلواته على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، وعلقه لنفسه العبد الفقير إلى اللَّه تعالى محمد أبو المكارم بن عبد اللَّه بن الزين. ووافق الفراغ من نسخه في الرابع عشر من جمادى الأولى سنة واحد (كذا) وثلاثين وثماني مائة وذلك بالقاهرة المحروسة والحمد للَّه رب العالمين وحسبنا اللَّه ونعم الوكيل".
و- تاريخ الفراغ من نسخ المخطوط:
وافق الفراغ من نسخ المخطوط في ١٤ من جمادى الأولى سنة ٨٣١ هـ بالقاهرة.
ز- اسم ناسخ المخطوط:
احتفظ المخطوط باسم ناسخه وهو: محمد أبو المكارم بن عبد اللَّه بن الزين.
ح- خط المخطوط:
كتب المخطوط بخط نسخي حسن.
1 / 10
ط- إلحاقات المخطوط:
توجد إلحاقات في مواضع من المخطوط وثبت في آخر أغلب الإلحاقات علامة (صح) الدالة على صحة ثبوت هذا الإلحاق. كما يوجد أيضًا في آخره علامة (حـ) الدالة على ثبوت اللحق في نسخة من المخطوط.
وتوجد أيضًا في مواضع من المخطوط الدائرة المنقوطة الدالة على موضع انتهاء المقابلة على نسخة المؤلف أو نسخة قوبلت على نسخة المؤلف.
كما يوجد أيضًا بياض في عدة مواضع يسيرة من المخطوط ويتراوح البياض ما بين السطرين إلى الثلاث وقد نبهت على ذلك كله في هامش النص المحقق.
* * *
1 / 11
صور النسخة الخطية المعتمدة للمقرر
1 / 12
صور النسخة الخطية المعتمدة للمقرر
1 / 13
صور النسخة الخطية المعتمدة للمقرر
1 / 14
بِسْمِ اللَّه الرَّحمَنِ الرَّحِيم
وصلواتُه وسلامُهُ على سيدنا محمد؛ نبي الرحمة، وكاشف الغُمة، وشفيع الأمة، وسيد الأئمة، وعلى آله وصحبه.
قال الشيخُ الإمام العالُم العلامةُ جمالُ الدين أبو عبد اللَّه، يوُسف بنُ ماجد بن أبي المجد المقدسي، قدس اللَّه روحه، ونور ضريحه:
الحمد للَّه، نحمده ونستعينه، ونستهديه، ونستغفره، ونعوذ باللَّه من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده اللَّه فلا مُضل له، ومن يُضلل فلا هَادي له، وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدهُ ورسولهُ، صلى اللَّه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، صلاةً دائمةً إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا، ورضي اللَّه عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد.
فهذا كتاب في الأحكام سيمته:
"المقرر على أبواب المحرر"
وجعلتُ ما أخرجه البُخَارِيّ ومسلم مهملًا بلا علامة، وما عدا ذلك نذكُرُ من رواه إن شاء اللَّه.
فالخمسة هم: الإمام أحمد، وأصحاب السننِ الأربعةِ.
وإذا ابتدأتُ بذكر حديثٍ عن صحابي عطفتُ عليه ما جاءَ منه في ذلك الباب، ولم أُخِلّ بذلك إلا في مُويضِعات يسيرة، لكون غير موضعها أنسب لها، وإنما فعلت
1 / 15
ذلك -وإن كان خلاف المعتادِ- اختصارًا وتسهيلًا لمن أراد حفظه.
وأشرتُ فيه إلى شيء يسير من الجرح والتعديل مما وقع لي، مع كوني مزجي البضاعة في هذه الصناعة.
وأنا سائل وداعٍ لأخ عثر فيه على شيء لا يليق به منْ ساقطٍ، أو مُصحف، أو مكرر، أو غير ذلك إثباته، وحذفه، وإصلاحه؛ هذا مع النظر إليَّ بعين التجاوز والمسامحة وأن لا يُثرب، فإني معترف بالتقصير، [و] (١) إلى الرب في كل وقت فقير، وأسألُ اللَّه العظيم أن يجعل أعمالنا صالحة، ويجعلها لوجهه الكريم خالصةً، وهو حسبنا ونعم الوكيلُ.
* * *
_________
(١) الزيادة من المحقق.
1 / 16
كتاب الطهارة
باب المياه
[١] عَنْ أبي هُرَيْرَة ﵁، قَالَ: سَأَل رَجلٌ النَّبِيّ ﷺ، فَقَال: يَا رسُولَ اللَّهِ، إنَّا نَركَبُ البَحْر، ونَحْمِلُ مَعَنا القليلَ من الماءِ، فَإنْ توضأْنَا بِهِ عَطِشْنَا؛ أفنتوضَّأُ بِماءِ البَحْر؟ فَقَال رَسُولُ اللَّه: "هو الطَّهُورُ مَاؤُه، الحِلُّ مَيْتَتُهُ" (١).
_________
(١) حديث صحيح: أخرجه مالك في "الموطأ" (٥٣) عن صفوان بن سُليم عن سعيد بن سلمة، مولى ابن الأزرق، أن المغيرة بن أبي بردة، وهو من بني عبد الدار، أنه سمع أبا هريرة يقول: فذكره.
ومن طريق مالك أخرجه الشافعي (٤٢)، وأحمد (٧٢٣٣) و(٨٧٣٥) و(٩١٠٠)، وأبو داود (٨٣)، والتِّرْمِذِيّ (٦٩)، والنسائي (١/ ١٥٠ و١٧٦ و٧/ ٢٠٧) وابن ماجه (٣٨٦) و(٣٢٤٦)، وابن خزيمة (١١١)، وابن حبان (١٢٤٣)، والدارمي (١/ ١٨٦)، وابن الجارود (٤٣)، والحاكم (١/ ١٤٠) والبيهقي (١/ ١٣) والدَّارَقُطْنِيّ (١/ ٣٦) وقال التّرْمِذِيّ: حديث حسن صحيح.
ورجاله ثقات رجال الشيخين غير المغيرة بن أبي بردة وسعيد بن سلمة؛ وثقهما النسائي، كما في "التقريب".
وصححه البُخَارِيّ كما في "العلل الكبير" للترمذي (١/ ١٣٦) وابن خزيمة وابن حبان وابن المنذر والخطابي والطحاوي وابن مندة والحاكم وابن حزم والبيهقي وعبد الحق وآخرون كما في "تهذيب التهذيب" (١٠/ ٣٢١).
وفي الباب عن جابر أخرجه أحمد (١٥٠١٢)، وابن حبان (١٢٤٤)، وابن ماجه (٣٨٨)، والدَّارَقُطْنِيّ (١/ ٣٤).
وعن أنس أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٣٢٠)، والدَّارَقُطْنِيّ (١/ ٣٥).
وعن علي أخرجه الحاكم (١/ ١٤٢ - ١٤٣).
وعن ابن عباس أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ (١/ ٣٥)، والحاكم (١/ ١٤٣). =
1 / 17
رواهُ الخمسة، وصححه البُخَارِيّ (١)، والتِّرْمِذِيّ (٢)، وَابْن خُزَيمة (٣)، وَابْن حِبَّان (٤)، وَابْن عبد البرّ (٥)، وغيرهم.
قَالَ البَيْهَقِيّ: "إِنَّما لم يخرِّجه البُخَارِيّ وَمسلم لخُلْفٍ وقعَ في اسمِ سعيد بن سلمة، والمُغِيرَة بن أبي بُردة، وقد رُوي عَنْ عليِّ، وجابر، وَابْن عمر" (٦).
وَقَالَ ابن المنذر فى "إشرافه": "ثبت أنَّ النَّبِيّ ﷺ قَالَ ذَلِكَ" (٧).
قَالَ الشافعي: "في إِسنادهِ مَن لَا أعرفهُ"، وأراد سعيدًا هذا، أو المُغِيرَة، أو هما (٨).
[٢] وعَنْه، عَنْ النَّبِيّ ﷺ قَالَ: "لا يَبُولنَّ أَحدُكم فِي الماءِ الدائمِ -الَّذي لَا يَجْري- ثم يَغْتَسلُ فِيهِ" (٩)، ولفظ مُسلم: "مِنه".
[٣] وعَنْه، قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: "لا يَغْتَسِلُ أَحَدُكم في الماءِ الدَّائمِ، وَهُوَ جُنُبٌ" (١٠).
_________
= وعن ابن عمرو أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ (١/ ٣٥)، والحاكم (١/ ١٤٣).
(١) حكاه عنه التِّرْمِذِيّ في "العلل الكبير" (١/ ١٣٦).
(٢) "جامع التَرْمِذِيّ" (١/ ١٠١).
(٣) "الصحيح" لابن خزيمة (١/ ١٥٩).
(٤) "الصحيح" لابن حبان (٤/ ٤٩).
(٥) "التمهيد" لابن عبد البر (٢/ ٧٧).
(٦) "معرفة السنن والآثار" للبيهقي (١/ ٢٢٤).
(٧) قال ابن المنذر في "الإشراف" (٢/ ٦٢٥): وقد روينا عن النبي ﷺ أنه قال في البحر: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته".
(٨) "السنن الكبرى" للبيهقي (١/ ٣).
(٩) أخرجه البُخَارِيّ (٢٣٩)، ومسلم (٢٨٢) (٩٥).
(١٠) أخرجه مسلم (٢٨٣) (٩٧). وأبو السائب لا يعرف له اسم.
انظر "الاستغناء في معرفة المشهورين من حملة العلم بالكنى" لابن عبد البر (٣/ ١٥٧٦). =
1 / 18
قَالَ أَبو السائب: كيف يَفْعَلُ يا أبا هُرَيْرَة؟
قَالَ: يتناوَلُهُ تناوَلًا.
وأبو السائب، لا يُعرف اسمُه.
[٤] وعَنْ أبي سعيد الخدري -واسمه سَعْدُ بن مالك ﵁، قَالَ: قِيل يا رسُولَ اللَّه: أنَتَوضَّأُ من بِئْرِ بُضاعةَ، وهي بئرٌ يُلْقى فيها الحِيَضُ ولحومُ الكلابِ، والنّتَنُ؟ .
فَقَال رَسُولُ اللَّه ﷺ: "الماءُ طهورٌ لا يُنجِّسُهُ شيءٌ" (١).
رواه الخمسة، إلَّا ابْن مَاجَه، وصححه الإِمَام أَحْمَد (٢)، وحسَّنَهُ التِّرْمِذِيّ (٣) [وصححه] (٤) ابن خزيمة (٥)، . . . .
_________
= وقال الحافظ في "التهذيب" (٤/ ٥٢٦): "ووقع في "نوادر الأصول" في الأصل الثامن والستين أنه جهني وأن اسمه عبد اللَّه بن السائب".
(١) حديث صحيح: أخرجه أحمد (١١٢٥٧)، وأبو داود (٦٦)، والتِّرْمِذِيّ (٦٦)، والنسائي (١/ ١٧٤)، والبيهقي (١/ ٤ - ٥)، والدَّارَقُطْنِيّ (١/ ٣٠)، وابن الجارُود (٤٧).
من طريق أبي أسامة عن الوليد بن كثير عن محمد بن كعب عن عبيد اللَّه بن رافع بن خديج عن أبي سعيد الخدري به.
وقال التِّرْمِذِيّ: حديث حسن، وقد جود أبو أسامة هذا الحديث فلم يرو أحد حديث أبي سعيد في بئر بضاعة أحسن مما روى أبو أسامة، وقد روى هذا الحديث من غير وجه عن أبي سعيد وفي الباب عن ابن عباس وعائشة.
وقال الحافظ في "التلخيص" (١/ ١٣): وصححه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبو محمد ابن حزم.
(٢) "تنقيح التحقيق" (١/ ٢٨)، و"المغني" لابن قدامة (١/ ٤٠).
(٣) "جامع التِّرْمِذِيّ" (١/ ٩٦).
(٤) الزيادة من المحقق.
(٥) لم يروه ابن خزيمة في "الصحيح" من حديث أبي سعيد الخدري -فيما أعلم- إنما رواه من حديث ابن عباس (٩١)، وصححه.
1 / 19
وَابْن حِبَّان (١)، والدَّارَقُطْنِيّ (٢)، وَالبَيْهَقِيّ (٣)، والخطابي (٤)، والطحاوي (٥)، والحاكم (٦)، وغيرهم، وقَالَ ابن معين: "هو حديث جيد" (٧).
ورُوي أيضًا عَنْ أَبي هُرَيْرَة (٨)، وسهل بن سعد (٩)، وجابر (١٠)، وَابْن عباس (١١)، وعائشة (١٢).
_________
(١) لم يروه ابن حبان في "الصحيح" من حديث أبي سعيد -فيما أعلم- إنما رواه عن ابن عباس (١٢٤١) و(١٢٤٢)، وصححه.
(٢) "العلل" للدارقطني (١١/ ٢٨٨).
(٣) "السنن الكبرى" للبيهقي (١/ ٤ - ٥) وسكت عنه.
(٤) "معالم السنن" للخطابي (١/ ٣٧).
(٥) "معاني الآثار" للطحاوي (١/ ١٥).
(٦) لم يروه الحاكم في "المستدرك" من حديث أبي سعيد -فيما أعلم- إنما رواه من حديث ابن عباس (١/ ١٥٩) وصححه، ووافقه الذهبي.
(٧) "التلخيص الحبير" (١/ ١٨).
(٨) أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ (١/ ٣١) من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء عن أبي هريرة بنحوه. وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف، كما في "التقريب".
(٩) أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ (١/ ٣٢) والبيهقي (١/ ٢٥٩)، والطحاوي (١/ ١٢) من حديث محمد بن أبي يحيى الأسلمي عن أمه (وعند البيهقي عن أبيه). قالت: دخلن على سهل بن سعد في أربع نسوة فقال. فذكره بنحوه. وقال البيهقي: هذا إسناد حسن موصول.
(١٠) أخرجه ابن ماجه (٥٢٠) من طريق شريك عن طريف بن شهاب قال. سمعت أبا نضرة يحدث عن جابر فذكره بنحوه. وضعفه البوصيري في "الزوائد".
(١١) أخرجه أحمد (٢١٠٠) و(٢١٠٢)، والنسائي (١/ ١٧٣)، وابن خزيمة (١٠٩)، وابن حبان (١٢٤٢) من طريق سفيان عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس بمعناه. وصححه (١/ ١٩٥). ووافقه الذهبي! وسماك بن حرب صدوق إلا أن روايته عن عكرمة خاصة مضطربة.
(١٢) أخرجه أبو يعلى (٤٧٦٥) من طريق شريك عن المقدام بن شريح عن أبيه عن عائشة به. وفيه شريك بن عبد اللَّه النخعي صدوق يخطئ كثيرًا تغير حفظه منذ ولي القضاء على الكوفة كما في "التقريب".
1 / 20
وكلام الدَّارَقُطْنِيّ فِيهِ أنَّه لَا يَثْبُتُ، من طريق أبي هُرَيْرَة، وَلَا من طريق أبي سعيد (١).
[٥] وَعَنْ أبي فَزارةَ، عَنْ أَبي زيدٍ، عَنْ ابن مسعودٍ، أَنَّ النَّبِيّ ﷺ قَالَ له ليلةَ الجنِّ: "ما في إدَاوتكَ؟ ".
قَالَ: نَبِيذٌ.
قَالَ: "تَمرةٌ (٢) طيبةٌ، وَمَاءٌ طَهورٌ" (٣).
أخرجه التِّرْمِذِيّ، وأبو داود. وأبو فزارة غيرُ ابن كيسان، وَهُوَ وأبو زيد مجهولان (٤).
وقَالَ الإِمَام أَحْمَد وأبو زُرْعة: "لا يصح هذا الحديث" (٥).
وقَالَ أبو أحمد الكرابيسي: "لا يثبت في هذا الباب من هذه الرواية حديثٌ".
_________
(١) "تنقيح التحقيق" (١/ ٢٩).
(٢) في الأصل "ثمرة". والمثبت من مصادر التخريج.
(٣) حديث ضعيف: أخرجه أحمد (٤٢٩٦)، وأبو داود (٨٤)، والتِّرْمِذِيّ (٨٨)، وابن ماجه (٣٨٤)، وأبو يعلى (٥٠٤٦)، و(٥٣٠١)، والبيهقي (١/ ٩)، وعبده الرزاق في "المصنف" (٦٩٣)، والطبراني في "الكبير" (٩٩٦٣) من طرق عن أبي فزارة، عن أبي زيد عن عبد اللَّه بن مسعود.
قال التِّرْمِذِيّ: إنما رُوي هذا الحديث عن أبي زيد عن عبد اللَّه عن النبي ﷺ، وأبو زيد رجل مجهول عند أهل الحديث لا يُعرف له رواية غيرُ هذا الحديث.
وقال ابن أبي حاتم في "العلل" (١/ ١٧): سمعت أبا زرعة يقول: حديث أبي فزارة ليس بصحيح، وأبو زيد مجهول.
وقال الحافظ في "الفتح" (١/ ٤٢٢): وهذا الحديث أطبق علماء السلف على تضعيفه.
(٤) قال الحاكم أبو أحمد في أبي زيد المخزومي: رجل مجهول لا يوقف على صحة كنيته ولا اسمه، ولا يعرف له راويًا غير أبي فزارة ولا رواية من وجه ثابت إلا هذا الحديث الواحد، نقله المزي عنه في "تهذيب الكمال" (٣٣/ ٣٣٢)، وأما أبو فزارة فالصواب أنه ابن كيسان واسمه رشد ابن كيسان وثقه يحيى بن معين، وقال أبو حاتم: صالح، وقال الدَّارَقُطْنِيّ: ثقة كيس، وقال الحافظ في "التقريب": ثقة.
وانظر: "تهذيب التهذيب" (٣/ ٢٠٣)، و"تهذيب الكمال" (٩/ ١٣ - ١٦).
(٥) "الجرح والتعديل" (٣/ ٤٨٥)، و"تنقيح التحقيق" (١/ ٤١).
1 / 21
قَالَ التِّرْمِذِيّ: "الصوابُ أنه ابنُ كيسان"، ونقل النواوي اتفاق المحدثين على ضعف الحديث (١).
وقَالَ الخلال: "حديث موضوع، لا يشبه كلامَ النبي ﷺ".
وقَالَ الطحاوي: "لا أصل له، وقد رجع أبو حنيفة عَن القول به" (٢).
[٦] قَالَ علقمةُ: قلتُ لابنِ مسعود: من كَانَ منكم مع رسول اللَّه ﷺ ليلة الجنّ؟ .
قَالَ: ما كان منَّا معه أَحدٌ (٣).
أخرجه مسلم.
[٧] وَعَنْ عَبْدِ اللَّه (٤) بن عمر ﵄، قَالَ: سُئِل رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ الماء وَمَا يَنُوُبُه من الدَّوابِ والسِّباع؟ فَقَالَ: "إِذَا كَانَ الماءُ قُلَّتينِ لا يَحمِلُ الخَبَثَ" (٥).
_________
(١) "المجموع" (١/ ١٤٢).
(٢) قال الطحاوي في "معاني الآثار" (١/ ٩٦) بعد أن ضعف حديث ابن مسعود في التوضيء بنبيذ التمر من جهة الإسناد وجهة النظر: "فثبت بذلك أنه لا يجوز التوضيء به في حال من الأحوال، وهو قول أبي يوسف، وهو النظر عندنا".
(٣) أخرجه مسلم (٤٥٠)، (١٥٠).
(٤) في الأصل: عبد الرحمن بن عمر، والتصويب من مصادر التخريج.
(٥) حديث صحيح: أخرجه أبو داود (٦٣)، والتِّرْمِذِيّ (٦٧)، والنسائي (١/ ٤٦)، وابن ماجه (٥١٧)، وابن الجارود (٤٥)، وابن خزيمة (٩٢)، وابن حبان (١٢٤٩)، والبيهقي (١/ ٢٦٠ - ٢٦١)، والدَّارَقُطْنِيّ (١/ ١٤، ١٥)، من طرق عن أبي أسامة حدثنا الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير أن عبد اللَّه بن عبد اللَّه حدثهم أن أباه عبد اللَّه بن عمر حدثهم، فذكره.
وصححه الحاكم (١/ ١٣٢)، ووافقه الذهبي، وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فقد احتجا بجميع رواته، ولم يخرجاه، وأظنهما -واللَّه أعلم- لم يخرجاه لخلاف فيه على أبي أسامة على الوليد بن كثير".
ومن وجوه الخلاف على أبي أسامة: =
1 / 22