Les Muqabasat
المقابسات
Chercheur
حسن السندوبي
Maison d'édition
دار سعاد الصباح
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
١٩٩٢ م
البدن حيًا، وإذا تغير المزاج وانقلبت الهيئة كان مواتًا. ومنهم من زعم أن البدن يكون على قدر المزاج، وبهيئة من الهيئات ليحدث في ذلك البدن عرض يكون حياة ونفسًا، وضرب مثلًا فقال: إنا لم نر شيئًا مفردًا من العالم يفعل بوحدته، فإذا زاوجه غيره نتجا فعلًا، وذلك إنا لم نر برد الحجر يهبطه ولا حره ولا لونه ولا عرفه ولا طعمة ولا صوته، فلما ازدوجت كان الهبوط لها فعلًا، قال: فلم آثر الإنفراد بفعل! ورأينا الحيوان ركب من أشياء مفردة قلنا إن الحياة ثمرة أفراد ازدوجت وهي عرض في البدن لأن العرض واقع عليها لأنه لا يكون ولا يفسد، بل الإفساد للموضوع، فلما رأينا الحياة تكون وتبطل بلا فساد البدن جعلناها عرضا حادثًا في البدن. وضربوا مثلًا وقالوا: إنما مثلها في حدوثها بين الاثنين كمثل الصوت الحادث بين الندين المتضادين، أو كاللون الحادث بين لونين، كالسواد الحادث من بين العفص والزاج، وكغير ذلك من الأشياء، الألوان والطعوم والأعراض الحادثة من بين الألوان المختلفة، ويضاف هذا القول إلى زينون وهذا ظن زائف ورأى مضعوف.
وقد سبق في صدر هذا الكتاب ما يستبان معه تأوه النفس من البدن واستقلالها بجوهرها وغناها بحقيقتها وأنها محتاجة إلى البدن إلا إذا أخذت البدن واستعملته وصرفته عن لوازمه وأعراضه اللائقة به، وأما النفس ذات النطق والعلم والحكمة والبيان والفكر والإستنباط والعقل والنظر فهي أعلى وأشرف من أن يكون لها الوصف بمعونة البدن وارفاده، والأسباب الحادثة بالبدن العارضة له معروفة محصاة، وليست تلك من حقيقة النفس
1 / 336