190

Muntakhab en Tafsir du Coran

المنتخب في تفسير القرآن الكريم

Genres

37- وقلنا له: اصنع الفلك لننجيك عليها بعنايتنا، وتحت رعايتنا، ولا تخاطبنى فى شأن هؤلاء الظالمين لأننى استجبت دعاءك، وأمرت بإهلاكهم غرقا.

38- وشرع نوح فى عمل الفلك، وكلما مر عليه قادة الكفر من قومه استهزأوا به، لجهلهم ولعدم معرفة الغرض الذى يقصده، قال نوح: إن تسخروا منا لجهلكم بصدق وعد الله، فإنا أيضا سنسخر منكم كما تسخرون منا.

39- فسوف تعلمون من منا الذى سيأتيه عذاب يذله فى الدنيا، ويحل عليه فى الآخرة عذاب دائم خالد.

40- حتى إذا جاء وقت أمرنا بإهلاكهم، جاء الماء بقوة فائرا ذا رغوة، كالماء الذى يغلى فوق النار، قلنا لنوح: احمل معك فى السفينة من كل نوع من أنواع الحيوانات ذكرا وأنثى، واحمل فيها أيضا أهل بيتك جميعا، إلا من سبق عليه حكمنا بإهلاكه، واحمل فيها أيضا من آمن من قومك، ولم يكونوا إلا عددا قليلا.

41- وقال نوح للذين آمنوا من قومه - بعد أن أعد الفلك -: اركبوا فيها متيمنين بذكر اسم الله تعالى، وقت إجرائها، وفى وقت رسوها، وعند النزول فيها والخروج منها، وارجو مغفرة الله على ما فرط منكم، ورحمته بكم، فإن المغفرة والرحمة من شأنه سبحانه وتعالى.

[11.42-46]

42- ونزلوا فى السفينة، فصارت تجرى بهم سائرة فى موج يعلو ويرتفع، حتى يصير كالجبال فى علوها، وفى ابتداء سيرها تذكر نوح ابنه بعاطفة الأبوة، وقد كان فى معزل عن دعوة أبيه فناداه: اركب معنا يا بنى ولا تكن مع الجاحدين بدين الله تعالى.

43- لم يطع الولد أباه الشفيق، وقال: سأتخذ مأوى لى مكانا يمنعنى من الماء، فقال الأب العالم بقضاء الله فى شأن العصاة: يا بنى لا يوجد ما يمنع من حكم الله تعالى بالإغراق للظالمين، وغاب الولد عن أبيه الناصح بالموج المرتفع؛ فكان مع المغرقين الهالكين الجاحدين.

44- وبعد أن هلك الجاحدون بالإغراق، جاء أمر الله التكوينى، فقيل بحكم التكوين: ابلعى ماءك أيتها الأرض، وامتنعى عن إنزال الماء أيتها السماء، فذهب الماء من الأرض، ولم تمد بشئ من السماء، وانتهى حكم الله بالإهلاك واستوت الفلك، ووقفت عند الجبل المسمى بالجودى، وقضى الله بإبعاد الظالمين عن رحمته، فقيل: هلاكا للقوم الظالمين بسبب ظلمهم.

45- ثارت الشفقة فى قلب نوح على ابنه، فنادى ربه ضارعا مشفقا فقال: يا خالقى ومنشئى، إن ابنى قطعة منى، وهو من أهلى. وقد وعدت أن تنجى أهلى، وإن وعدك حق ثابت واقع، وأنت أعدل الحاكمين، لأنك أعلمهم، ولأنك أكثر حكمة من كل ذوى الحكم.

Page inconnue