ما يجمعُ الشوقُ إنْ دارٌ بنا شحطتْ ... ومثلها في تداني الدارِ مهجورُ
نشفَى بها وهي داءٌ لوْ تصاقبنا ... كما اشتفَى بعيادِ الخمرِ مخمورُ
ما روضةٌ من رياضِ الحزنِ باكرها ... بالنبتِ مختلفُ الألوانِ ممطورُ
يومًا بأطيبَ منها نشرَ رائحةٍ ... بعدَ المنامِ إذا حبَّ المَعاطيرُ
ما أنسَ لا أنسَهَا والدَّمعُ مُنسرِبٌ ... كأنهُ لؤلؤٌ في الخدِّ محدورُ
لمَّا رأيتهمُ زمتْ جمالهمُ ... صدقتُ ما زعموا والبينُ محذورُ
يحدو بهنَّ آخو قاذورةٍ حذرٌ ... كأنهُ بجميعِ الناسِ موتورُ
كأنَّ أظعانهمْ تحدَى مقفيةً ... نخلٌ بعينينِ ملتفٌّ مواقيرُ
غلبُ الرقابِ سقاها جدولٌ سربٌ ... أو مشعبٌ من أتيِّ البَحرِ مفجورُ
هل تبلغني عليَّ الخير ذِعلبَةٌ ... حرفٌ تزللَ عنْ أصلابِها الكورُ
منْ خلفِها قلصٌ تجري أزمَّتُها ... قد مسَّهنَّ معَ الإدلاجِ تهجيرُ
يخبطنَ بالقومِ أنضاءَ السريحِ وقدْ ... لاذَتْ من الشَّمسِ بالظِّلِّ اليعافيرُ
حتى إذا انتصبَ الحربَاءُ وانتقلتْ ... وحانَ إذْ هجروا بالدوِّ تغويرُ
قالوا تنحوْا فمسُّوا الأرضَ فاحتولُوا ... ظلًاّ بمنخرقٍ تهفو بهِ المورُ
ظلوا كأنَّ عليهمْ طائرًا علقًا ... يهفو إذا انسفرتْ عنهُ الأعاصيرُ
لوجهةِ الريحِ منهُ جانبٌ سلبٌ ... وجانبٌ بأكفٍّ القومِ مضبورُ
حتى إذا أبردُوا قاموا إلى قلصٍ ... كأنهنَّ قسيُّ الشوحطِ الزورُ
عواسلٌ كرعيلِ الربدِ أقرعَها ... بالسِّيّ منْ قانصٍ شلٌّ وتنفيرُ
حتى سقَي الليلُ سقى الجنِّ فانغمستْ ... في جوزهِ إذْ دجَا الآكامُ والقُورُ
غطا النشازَ مع الأهضامِ فاشتبَها ... كلاهُما في سوادِ الليلِ مغمورُ
إنَّ عليًَّا لميمونٌ نقيبتهُ ... بالصالحاتِ من الأفعالِ مشهورُ
صهرُ النبيِّ وخيرُ الناسِ مفتخرًا ... فكلُّ منْ رامَهُ بالفخرِ مفخورُ
صلى الطهورُ مع الأُميِّ أولهمْ ... قبلَ المعادِ وربُّ الناسِ مكفورُ
مقاومٌ لطغاةِ الشركِ يضربهمْ ... حتى استقاموا ودينُ اللهِ منصورُ
بالعدلِ قمتَ أمينًا حينَ خالفهُ ... أهلُ الهوا وذوو الأهواءِ والزورُ
يا خيرَ منْ حملت نعلًا لهُ قدمٌ ... بعدَ النبيِّ لديهِ البغيُ مهجورُ
أعطاكَ ربُّكَ فضلًا لا زوالَ لهُ ... منْ أينَ أنَّى لهُ الأيَّامَ تغييرُ
خفاف بن ندبة
وقال خفاف بن عمير بن الحرث بن عمرو بن الشريد وهو عمرو بن رياح بن يقظة بن عضية السلمي: الطويل
ألا طرقتْ أسماءُ منْ غيرِ مطرقِ ... وأنِّى إذا حلتْ بنجرانَ نلتقي
سرتْ كلَّ وادٍ دونَ رهوةَ دافعٍ ... فجلذانَ أو كرمٍ بليةٍ مغدقِ
تجاوزتِ الأعراص حتى توسدتْ ... وسادِي لدى بابٍ منا لدور مغلقِ
بغرِّ الثنايا خيفَ الظلمُ بينهُ ... وسنةِ رئمٍ بالجُنيْنَةِ موثَقِ
ولمْ أرهَا إلاَّ تَئيةَ ساعةٍ ... على ساجرٍ أو نظرةً بالمشرقِ
ويومَ الجميعُ الحابسونَ براكِسٍ ... وكانَ المحاقُ موعدًا للتفرقِ
بوجٍّ وَما بالِي بوجٍّ وبالُها ... ومنْ يلقَ يومًا جدَّةَ الحُبِّ يخلَقِ
وأبدَى بئيسُ الحجِّ منها معاصمًا ... ونحرًا متى يحللْ به الطيبُ يشرقِ
فأمّا تريني اليوم أقصرَ باطلي ... ولاحَ بياضُ الشيبِ في كلِّ مفرقِ
وزايلني زينُ الشبابِ ولينهُ ... وبدلتُ منه جردَ آخرَ مخلقِ
فعثرةِ مولى قدْ نعشتُ بأسرةٍ ... كرامٍ على الضراءِ في كلٍّ مصدقِ
وغمرةِ مخمورٍ نغشتُ بشربةٍ ... وقدْ ذمَّ قبلي ليلُ آخرَ مطرقِ
ونهبٍ كجماعِ الثريَّا حويتُهُ ... غشاشًا بمحتاتِ الصفاقين خيفقِ
ومعشوقةٍ طلقتُها بمرشةٍ ... لها سننٌ كالأتحميِّ المُخرَّقِ
فآبتْ سليبًا منْ أناسٍ تحبُّهمْ ... كئيبًا ولولا طلعتِي لمْ تطلقِ
بخيلٍ تنادَى لا هوادةَ بينَها ... شهدتُ بمذلولِ المعاقمِ محنقِ
عظيمٍ طويلٍ غيرِ جافٍ نما بهِ ... سليمُ الشظا في مكرباتِ المطبقِ
1 / 5