وخفتْ نواهَا منْ جنوبِ عَفيرةٍ ... كما خفَّ ممن نيلِ المرامي حفيرها
يقولُ رجالٌ لا يضيركَ نأيها ... بلى كلُّ ما شفَّ النفوسَ يضيرُهَا
أليسَ يضيرُ العَينَ أن تكثرَ البُكا ... ويمنعُ منها نومُهَا وسروروها
لكلِّ لقاءٍ نلتقيه بشاشةٌ ... وإن كانَ حولًا كل يومٍ نزروُها
خليليَّ روحا راشدينَ فقدْ أتتْ ... ضيريةُ من دونِ الحبيبِ ونيرهَا
يقرُّ بعيني أنْ أرَى العيسَ تعتلِي ... بنا نحو ليلى وهي تجرِي ضفورُها
وما لحقتْ حتى تقلقل غرضها ... وسامحَ من بعدِ المراحِ عسيرُهَا
وأشرِفُ بالأرضِ اليفاعِ لعلني ... أرى نارَ ليلى أو يراني بصيرها
فناديتُ ليلى والحمولُ كأنها ... مواقيرُ نخلٍ زعزعتها دبورها
فقالتْ أرى أنْ لا تفيدكَ صحبتِي ... لهيبةِ أعداءٍ تلظى صدورها
فمدَّتْ ليّ الأسبابَ حتى بلغتهَا ... برفقي وقدْ كادَ ارتقائي يصورُها
فلمَّا دخلتُ الخدرَ أطلتْ نسوعُهُ ... وأطرافُ عيدانٍ شديدٍ أسورُهَا
فأرختْ لنضاخِ القفا ذي منصةٍ ... وذي سيرةٍ قدْ كانَ قدمًا يسيرها
وإني ليشفيني من الشوقِ أنْ أُرى ... على الشرفِ النائي المخوفِ أزورُهَا
وأنْ أتركَ العنسَ الحسيرَ بأرضِهَا ... يطيفُ بها عقبانُهَا ونسورُهَا
حمامةَ بطنٍ الواديينِ ترنمي ... سقاكِ من الغرِّ الغوادي مطيرها
أبينِي لنا لا زالَ ريشُكِ ناعمًا ... ولا زلتِ في خضراءَ دانٍ بربرُهَا
وقدْ تذهبُ الحاجاتُ يسترها الفتى ... فتخفي وتهوى النفسُ ما لا يضيرُها
وكنتُ إذا ما زرتُ ليلى تبرقعتْ ... فقد رابني منها الغداةَ سفورهَا
وقد رابني منها صدودٌ رأيتهُ ... وإعراضُها عن حاجتي وبسورُهَا
أرتكَ حياضَ الموتِ ليلى ورَاقنا ... عيونٌ نقياتُ الحواشي تديرُها
ألا يا صفيَّ النفسِ كيفَ بقولها ... لوَ أنَّ طريدًا خائفًا يستجيرهَا
تجيرُ وإنْ شطتْ بها عزبةُ النوَى ... ستنعمُ ليلى أو يفادَى أسيرُها
وقالتْ أراكَ اليومَ أَسوَدَ شاحبًا ... وأنِّي بياضُ الوجهِ حرَّ حرورُها
وغيرني إنْ كنتِ لما تغيري ... هواجرُ تكتنينها وأسيرُها
إذا كانَ يومٌ ذو سمومٍ أسيرُهُ ... وتقصرُ من دونِ السمومِ ستورها
وقدْ زعمتْ ليلى بأنيَ فاجرٌ ... لنفسي تُقاها أم عليها فجورُها
فقلْ لعقيلٍ ما حديثُ عصابةٍ ... تكنفَها الأعداءُ ناءٍ نصيرُها
فإلًا تناهوا يركبِ اللهُ نحوها ... وحفتْ برجلٍ أو جناحٍ يطيرُها
لعلكَ يا تيسًا نزا في مريرةٍ ... معذبُ ليلى أن ترانِي أزورُها
وأَدماءَ منْ سرِّ الهجان كأنَّها ... مهاةُ صوارٍ غيرَ ما مسَّ كورُها
من الناعباتِ المشِي نعبًا كأنما ... يناطُ بجذعٍ من أوالٍ جريرُها
من العَركنانيَّاتِ حرفٍ كأنها ... مريرةُ ليفٍ شدَّ شزرًا مغيرُها
قطعتُ بها موماةَ أرضٍ مخوفةٍ ... مخوفٍ ردَاهَا حين يستنُّ مورُهَا
ترى ضعفَاءَ القومِ فيها كأنهمْ ... دعاميصُ ماءٍ نشَّ عنها غديرُها
وقسورةِ الليل التي بينَ نصفِهِ ... وبينَ العِشاءِ قد دأَبتُ أسيرُها
أبتْ كثرةُ الأعداءِ أن يتجنبُوا ... كلابي حتى يستثارَ عقورُها
وما يشتكى جهلي ولكنَّ غرتي ... تراها بأعدائِي لبيثًا طورُهَا
أمخترمِي ريبَ المنونِ ولمْ أزُرْ ... جوارِيَ منْ همدانَ بيضًا نحورَها
تنوءُ بأعجَازٍ ثقالٍ وأسوق ... خدالٍ وأقدامٍ لطافٍ خصورُها
وقال توبة أيضًا: الطويل
ألا هلْ فؤادِي من صبا اليومَ صافحُ ... وهل ما وَأتْ ليلى بهِ لكَ ناجِحُ
وهلْ في غَدٍ إنْ كانَ في اليومِ علةٌ ... سراحٌ لما تلوِي النفوسُ الشَحائِحُ
ولو أنَّ ليلى الأخيلية سلمتْ ... عليَّ ودوني جندلٌ وصفائحُ
لسلمتُ تسليمَ البشاشةِ أو زقا ... إليها صدًا من جانبِ القبرِ صائحُ
ولوْ أنَّ ليلَى في السماءِ لأصعدَتْ ... بطرفي إلى ليلى العيونَ الكواشحُ
1 / 15