319

Munsif

المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني

Maison d'édition

دار إحياء التراث القديم

Numéro d'édition

الأولى في ذي الحجة سنة ١٣٧٣هـ

Année de publication

أغسطس سنة ١٩٥٤م

وقوله: وهو١ مشبه بقولهم: "هو أقول منه، وأبيع منه"، وجه الشبه بينهما أن "أفْعَل" إذا وصلت بها "من"، فإنها للمبالغة والتفاضل نحو قولهم: "أنت كريم، وأنا أكرم منك، وأنت ظريف، وأنا أظرف منك" فمعناه: أنهما قد اشتركا في الصفة وزاد أحدهما على الآخر فيها، وعلى هذا لا يجوز أن تقول: "العسل أحلى من الخل"؛ لأنهما لم يشتركا في الحلاوة، وإنما ينبغي أن يقال: "العسل أحلى من التمر"٢ لاشتراكهما في الحلاوة وزيادة العسل على التمر٣ فيها، وإذا كان "أفعل منك" إنما هو للتفاضل والمبالغة كان قولهم: "أفعل به" قريبا منه؛ لأن معنى "أفعل به" المبالغة أيضا٤ إلا أن٤ "أفعِل به" فعل، و"أفعَل منك" اسم٥ بدلالة دخول٥ علامات الأسماء عليه نحو قولهم٦: "مررت بأفضل منك، وبأعلم منك" ونحو ذلك، فصح "أفعل منك" لأنه اسم، وصح "أفعِل به" لأنه في معناه، ولولا إلحاق فعل التعجب بالأسماء ومشابهته لها، لقلت في التعجب: "ما أقام زيدا، وما أطاله، وأقم به، وأطل به". فإن قال قائل: فهلا قالوا: "ما أشدد زيدا، وما أقلل مالك"، فأظهروا هنا كما صححوا في قولهم: "ما أطوله، وما أقوله"؟ قيل: لأن "ما أفعله" محمول على "هو أفعل منك"، وأنت قد تدغم: "هو أشدّ منك" لأنه على مثال الفعل، يدل على ذلك٧: أن المدغم إذا جاء

١ ظ، ش: هو. والصواب ما نقلناه عن ص؛ لأنه مطابق لما ورد في قول أبي عثمان. ٢، ٣ ظ، ش "الدبس" في الموضعين. ٤، ٤ ظ، وش: لأن. ٥، ٥ ظ، ش: بدخول. ٦ "قولهم": ساقط من ظ، ش. ٧ ذلك: ساقط من ظ، ش.

1 / 319