إلى نفسك فيقول المتحير: بما صرت أولى من مخالفيك، وأكثر أهل العلم يخالفونك؟ فليت شعري! بماذا تجيب؟ أتجيب بأن تقول: إمامي منصوص عليه، فمن يصدقك في دعوى النص، وهو لم يسمع النص من الرسول؟ وإنما يسمع دعواك مع تطابق أهل العلم على اختراعك وتكذيبك. ثم هب أنه سلم لك النص، فإن كان متحيرًا في أصل النبوة، فقال: هب أن إمامك يدلي بمعجزة عيسى ﵇ فيقول: الدليل على صدقي أني أحيي أباك، فأحياه، فناطقني بأنه محق، فبماذا أعلم صدقه؟ ولم يعلم كافة الخلق صدق عيسى ﵇ بهذه المعجزة، بل عليه من الأسئلة المشكلة ما لا يدفع إلا بدقيق النظر العقلي، والنظر العقلي لا يوثق به عندك، ولا يعرف دلالة المعجزة على الصدق ما لم يعرف السحر والتمييز بينه وبين المعجزة، وما لم يعرف أن الله لا يضل عباده. وسؤال الإضلال وعسر تحرير الجواب عنه مشهور فبماذا تدفع جميع ذلك؟ ولم يكن إمامك أولى بالمتابعة من مخالفه! فيرجع إلى الأدلة النظرية التي ينكرها، وخصمه يدلي بمثل تلك الأدلة وأوضح منها وهذا السؤال قد انقلب عليهم انقلابًا عظيمًا لو اجتمع أولهم وآخرهم على أن يجيبوا عنه جوابًا لم يقدروا عليه. وإنما نشأ الفساد من جماعة من الضعفة ناظروهم، فلم يشتغلوا
1 / 166