Les Rois des Factions et Regards sur l'Histoire de l'Islam
ملوك الطوائف ونظرات في تاريخ الإسلام
Genres
وهكذا تم صلب اليهودي.
وبلغ الأذفونش ما حل بفرسانه، فأقسم بإلهه وبأرواح القديسين لينتقمن لهم من عدوه انتقاما مروعا، وليغزونه في إشبيلية وليحصرنه في عقر داره، وكان الإسبانيون لهذا العهد قد اهتبلوا الغرة بما كان من تفرق كلمة المسلمين فتكالبوا عليهم واستولوا على حصونهم، وسار الأذفونش بجيوشه يفتح المعاقل ويخرب القرى حتى بلغ فرضة المجاز من طريف على جبل طارق، وضرب على ملوك الطوائف أنواع الجزى، وفي مقدمتهم المعتمد كان يؤديها له - وهو صاغر - إلى أن طلب منه المعتاد في كل سنة على يد أولئك الفرسان ومعهم وزيره اليهودي، فصلب المعتمد اليهودي منكسا، وأودع أولئك الفرسان في غيابات السجن، ولم يكن الأذفونش ليترك فرسانه القشتاليين وهم زهاء الخمسين، يعذبون في السجن على حساب خطئهم، دون أن يعمل على خلاصهم، ويتلطف في طلب الإفراج عنهم خوفا على حياتهم، فأرسل إلى المعتمد في ذلك، فاشترط أن يرد إليه حصن المدور في نظير إطلاق سراحهم، فقبل الشرط ورد الحصن إليه، وأطلقهم، وما عاد جماعة الفرسان المسيحيين حتى قام الأذفونش بتنفيذ وعيده، وإمضاء تهديده، وسار في طريقه لحصار إشبيلية فغنم وأحرق القرى، وقتل وأسر من المسلمين من لم يتسع لهم الوقت للالتجاء إلى الحصون المنيعة، وحاصر إشبيلية ثلاثة أيام، وخرب إقليم شذونة وما زال يزحف بجيوشه حتى وطئ الرمال وبلغ طريف ومس بحوافر فرسه أمواج البحر وهو يقول: «نحن الآن في أرض المجاز وبها قد وصلنا إلى آخر حدود إسبانيا.»
وبر بقسمه، وأرضى طماعيته، ووجه بجيوشه إلى طليطلة مقر مملكة القادر وتسلمها منه، وكان اتفق معه على أن يظاهره على أهل بلنسية، فاضطر المتوكل أن يفر من وجه القادر ويتخلى له على بلنسية، ففتح أهلها أبوابها له على الرغم منهم عام (1084) فجمع منهم أموالا طائلة، وقدمها للأذفونش فلم يرتضها الإمبراطور، وقال له بفتور وامتعاض: «هذا لا يكفي.»
فأضاف إليها فوق ذلك ما ورثه من الكنوز والنفائس عن أبيه وجده، فقال أيضا: «هذا لا يكفي.» فرجاه أن يعطيه مهلة ريثما يجمع له ما يكفيه من المال ، فقال له الأذفونش: «كلا حتى تعطيني حصونا أخرى أرتهنها كضمان لما هو مطلوب.» وهكذا سلم القادر في كل ما يملك، وأضاع طارفه وتليده، ومزق ثروته وميراثه، وبدد حصونه حصنا حصنا، وذهبه دينارا دينارا، وهو مستسلم مرغم، وإلا فماذا عساه أن يصنع؟ إن سيف الأذفونش المصلت يتهدده بالقتل، وأقل حركة تبدر منه تدل على عدم الطاعة والإذعان تجعله يهوي به على رأسه، فلم ير بدا من أن يستنزف أموال الرعية، ويرهقها بأنواع المظالم والمغارم ويأتي على الثمالة الباقية في أيديها، ورأى أهل بلنسية أنه لا قبل لهم بسد هذه المغارم الفادحة، ففروا من وجه هذا الظلم الصارخ زرافات ووحدانا، وهاجروا إلى أرض سرقسطة وكان موقف القادر أمامه شاذا وغريبا، فإنه كلما حمل إليه قدرا من المال ظنا منه أن ذلك يجدي في مرضاته، كان ذلك سببا في تزايد طلباته الملحة، إلى أن نضب معين المال، ولم يجد ما يقدمه إليه، وأقسم له أن ليس قبله شيء، فقام من فوره، وخرب بسيط المدينة وما حولها، كل هذا والقادر متعلق بعرشه بعد أن نخر في قوائمه السوس، وتداعى للانحلال والسقوط، ولكنه عدل في النهاية عن هذا التعلق الكاذب. •••
وحدث مرة أن حضر الأذفونش وكان هو في استقباله، فصرح له بأنه مضطر أن يتخلى له عن طليطلة وأنه متنازل عن العرش، فوضع الأذفونش الشروط التالية:
يتولى الإمبراطور حفظ حياة الطليطليين وحراسة المملكة، وللسكان حرية البقاء أو الهجرة إلى أي جهة شاءوا.
لا يطالبهم إلا بدفع الجزية المفروضة عليهم بشرط أن يعطوها مقدما.
يترك لهم القيام على شئون المسجد.
يتعهد للقادر بأن يكون ملكا على بلنسية.
وتم الاتفاق على هذه الشروط، وقبلها الإمبراطور، وفي يوم 25 مايو سنة (1085) دخل عاصمة مملكة القوط القديمة،
Page inconnue