Les Rois des Factions et Regards sur l'Histoire de l'Islam
ملوك الطوائف ونظرات في تاريخ الإسلام
Genres
فقبل المعتضد الشرطين، وانسحب «فردينند» بعسكره، ولما وصل إلى ليون أوفد إلى إشبيلية «الڤينوس» أسقف العاصمة و«أردو» أسقف «استورقه» وأوجب عليهما أمرين:
الأول:
نقل جثمان القديسة.
والثاني:
تسوية مسألة الجزية.
وأسف «الڤينوس» - مع زميلين له - حيث لم تسفر أعمال التنقيب التي أجريت للعثور على رفات القديسة عن نتيجة، مما حمل «الڤينوس» أن يقول لرفيقيه: «إنكما أيها الأخوان، تريان أنه إذا لم تسعفنا الرحمة الإلهية فسنعود من هذه الرحلة الشاقة، وقد ضاع كل ما علقناه عليها من أمل، والظاهر أنه لا بد لنا من أن نستلهم المولى سبحانه وتعالى، ونتجه إليه بالصلاة والصيام ثلاثة أيام نسأله فيها الهداية إلى هذا الرفات الدفين، والكنز الثمين، الذي نبحث عنه في خبايا الأرض.» وبناء على هذا العهد الذي عاهدوا الله عليه أمضوا ثلاثة أيام صائمين مصلين داعين حتى أثر ذلك في صحة «الڤينوس» وكانت معتلة، وبخاصة منذ قدم إلى إشبيلية، وفي صبيحة اليوم الرابع جمع الأسقف رفاقه ثانية، وقال لهم: «إن رحمة الله لم تشأ أن نرتد من رحلتنا هذه بالخيبة والفشل، فواجب علينا أيها الرفاق المحبوبون أن نشكر الله من صميم قلوبنا، فقد تم أمره، ونفذ قضاؤه بأنكم ستحملون إلى وطنكم ما لا يقل قدرا عن رفات القديسة «جوست» التي حرم الله علينا إخراجها من هذه الأرض ، ذلك هو جثمان السعيد «إيزيدور» الذي حمل التاج الأسقفي إلى هذه البلاد، والذي زان - ببلاغته ومنشآته - إسبانيا كلها، وقد كنت اعتزمت أيها الإخوان، أن أقضي الليلة ساهرا أبتهل وأدعو وأصلي لله، ولكن خانتني قواي، فما كدت أجلس لحظة حتى بلغ مني الإعياء مبلغه، فأخذتني سنة من النوم، فرأيت كأن شيخا عليه سمة الرهبان يقول لي: «لقد عرفت ما جئت أنت ورفقاؤك من أجله، وقد أبت الإرادة الإلهية أن تحرم المدينة من رفات القديسة «جوست» فيخيم على ربوعها الحزن، وينتابها الألم، كما أبى اللطف الإلهي إلا أن يهبكم جثماني رحمة بكم حتى لا تعود أنت ورفقاؤك بأيد أصفار من هذه الأمنية التي طالما تكبدتم من أجلها المشاق.»
فقلت: «ومن تكون أنت؟» قال: «أنا بدأت كبير قساوسة هذه المدينة، وانتهيت طبيب إسبانيا كلها، أنا «إيزيدور».» واختفى شبحه عني - على إثر هذه الكلمات - واستيقظت فصليت شاكرا لله، ودعوته أن يعيد هذه الرؤيا علي مثنى وثلاث إن كانت وحيا من لدنه، فعاودتني الرؤيا مرتين؛ كان الشيخ في كل منهما يوجه إلي نفس عباراته الأولى بعينها، وزاد في المرة الثالثة أن أراني موضع قبره، وقد ضرب عليه بعصا في يده ثلاثا وهو يقول: «هنا، هنا، هنا، تجد جثماني، ولا يقعن في خلدك أنني شبح يخدعك، وستوقن أن ما أنبأتك به هو الحق، وآية ذلك أن رفاتي لا يكاد ينقل من موضعه حتى ينزل بك داء يستعصي على نطس الأطباء شفاؤه، ثم تموت، وتأتي إلى عالمنا متوجا بتاج البررة الصالحين.»
واختفى بعد أن أتم هذه الكلمات.»
وذهب «الڤينوس» وزملاؤه إلى قصر المعتضد وقص عليه رؤياه، واستأذنه في نقل رفات «إيزدور» عوضا عن نقل رفات القديسة «جوست».
وقد ترك كلام الأسقف في نفس المعتضد أثرا غريبا، ذلك الرجل المتشكك الساخر الذي لا يدين بغير شيئين اثنين: هما الخمر، والملك، ولكنه من باب الدهاء قد أصغى باهتمام إلى كلام الأسقف، وقد قال له بعد أن فرغ من كلامه بلهجة تشف عن حزن عميق: «إني آسف جد الأسف فإني إن أعطيتك رفات «إيزيدور» فماذا يبقى لي بعد ذلك؟ على أني أيها الشيخ الوقور لا أمتنع عن تنفيذ رغباتك، وليكن ما أردت، قم فنقب وابحث عن القبر، وانقل رفات الراقد فيه على الرغم مما يساورني بعد ذلك من أجله.»
Page inconnue