أرأيت تقفز خرجت من بين فكي شاعر محسن قط قلت وأما من البصريين فالحسن بن هانئ المعروف بأبي نواس فإنه مقدم عندهم في فنون الشعر فقال ويلك وكيف يكون ذلك وهو يحيل ويتخطى في صفة المخلوق إلى صفة الخالق قلت مثل ماذا من قوله قال أما فيما أحال فكقوله
( وأخفت أهل الشرك حتى إنه
لتخافك النطف التي لم تخلق )
وهذا من الاغراق المستحيل في العقول ومما ليس على مذهب القوم وأما في تخطيه بصفة المخلوق إلى صفة الخالق فهو كقوله
( يجل أن تلحق الصفات به
فكل خلق لخلقه مثل )
وكقوله
( بريء من الأشباه ليس له مثل )
لقي العتابي أبا نواس فقال له
يا أبا علي أما خفت الله حيث تقول
( وأخفت أهل الشرك حتى إنه
لتخافك النطف التي لم تخلق )
فقال أبو نواس أما خفت أنت الله حيث تقول
( ما زلت في غمرات الموت مطرحا
يضيق عني وسيع الرأي من حيلي )
( فلم تزل دائبا تسعى بلطفك لي
حتى اختلست حياتي من يدي أجلي )
فقال العتابي قد علم الله وعلمت أن هذا ليس مثل قولك ولكنك قد أعددت لكل قائل جوابا
Page 55