وكان قد أستأذن خلفا الأحمر في نظم الشعر فقال لا آذن لك في عمل الشعر إلى أن تحفظ ألف مقطوع للعرب ومائة أرجوزة قصيد ومقطوع فغاب عنه مدة وحضر إليه فقال له قد حفظتها فقال أنشدها فانشده أكثرها في عدة أيام ثم سأله أن يأذن له في نظم الشعر فقال له لا آذن لك إلى أن تنسى هذه الألف أرجوزة كأنك لم تحفظها فقال له هذا أمر يصعب علي فإني قد أتقنت حفظها فقال لا آذن لك أو تنساها فذهب إلى بعض الديرة وخلا بنفسه وأقام مدة حتى نسيها ثم حضر إليه فقال قد نسيتها حتى كأن لم أكن حفظتها قط فقال الان فانظم الشعر
حديثه عن نظمه للشعر
كان أبو نواس يقول
لا أكاد أقول شعرا جيدا حتى تكون نفسي طيبة وأكون في بستان مونق وعلى حال أرتضيها من صلة أوصل بها أو وعد بصلة وقد قلت وأنا على غير هذه الحال أشعارا لا أرضاها
وكان يعمل القصيدة ثم يتركها أياما ثم يعرضها على نفسه فيسقط كثيرا منها ويترك صافيها ولا يسره كل ما يقذف به خاطره وكان نهمه للشعر في الخمر فلا يعمله إلا في وقت نشاطه ولم يكن في الشعراء لا بالبطيء ولا بالسريع بل كان في منزلة وسطى
سئل ابن عائشة
من أشعر المحدثين فقال الذي يقول
( كأن ثيابه أطلعن
من أزراره قمرا )
( يزيدك وجهه حسنا
إذ ما زدته نظرا )
( بعين خالط التفتير
من أجفانها الحورا )
( ووجه سابري لو
تصوب ماؤه قطرا )
Page 41