من أم المؤمنين عائشة سلام الله عليها، أمر علي القعقاع بن عمرو ﵄ بأن يجلد كل واحد منهما مائة جلدة، وأن يجردهما من ثيابهما ففعل. وكان ذلك بعد وقعة الجمل.
هذا هو علي في صورته التاريخية الثابتة عنه بأوثق ما ثبتت حقائق الماضي، وهو غير علي في صورته الوهمية الكاذبة التي يصوره بها الشيعة على أنه مراءٍ جبان يمدح إخوانه الصحابة تقيةً ونفاقا ويضمر لهم البغضاء حسدا وأنانية. إن عليا أسمى من ذلك وأكرم عند الله. وصورته الصادقة هي التي ثبتت برواية الصادقين عن الصادقين من رواة أئمة السنة الأعلام الذين يخافون الله واليوم الآخر ويحبون عليا وآله حبا معقولا سليما من الآفات، ويحفظون لهم كل كرامة وفضيلة. والصورة التي يصوره بها كذبا مجوس هذه الأمة وتلاميذ اليهودي عبد الله بن سبأ صورة متناقضة جمعت بين تأليه علي ونعته بأحط النعوت وأسوإها. ولم يكن كل شيعة علي في زمن علي من هذا الطراز، بل كان فيهم كرام الصحابة وصالحو المؤمنون، والتحق بهم واندس في صفوفهم الكفرة والحمقى والغلاة وضعاف العقول والكاذبون في إسلامهم، ومنهم أُتي رضوان الله عليه، وهؤلاء هم الذين عاقوا هذا الإمام الأعظم عن أن يكون كما يحبه لنفسه وما يحبه الله له من نشر دعوة الله في آفاق أخرى لم تصل إليها دعوة الإسلام، وشغلوه بحمايتهم قتلة عثمان، وإن كان طالما أعلن لعنتهم على مسمع منهم وهم في كتائب جيشه، أو في صفوف المصلين تحت منبره في مسجد الكوفة.
إن هذا الطراز الضال المريب من شيعة علي في زمن علي كثيرون وكثيرون، وهم الذين كان علي يشكوهم ويتبرأ منهم، وكتاب نهج البلاغة ملئ بذمهم والزراية عليهم. وإن موقفهم من ابنه الحسن معروف في التاريخ، حتى لقد تجرأوا على إسالة دمه من جسمه الشريف بغيا عليه ونذالة منهم وكفرا، وهم الذين أغروا أخاه الحسين ودعوه من بلده إلى بلدهم، ثم تولوا بأيديهم سفك دمه الطاهر، وبعد مقتله خرجوا يستقبلون آله بعيون باكية.
نقل علامة الشيعة في هذا العصر الشيخ هبة الدين الشهرستاني ما رواه الجاحظ عن خزيمة السدي قال: دخلت الكوفة فصادفت منصرف علي بن الحسين بالذرية من
مقدمة / 7