264

Le Tafsir condensé d'Ibn Kathir

مختصر تفسير ابن كثير

Maison d'édition

دار القرآن الكريم

Numéro d'édition

السابعة

Année de publication

1402 AH

Lieu d'édition

بيروت

Genres

Tafsir
الرسول وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُواْ بالله ربكم﴾ وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا نَقَمُواْ مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُواْ بِاللَّهِ العزيز الحميد﴾ وقوله تعالى: ﴿وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ﴾ وَهَذَا أَعْلَى الْمَقَامَاتِ أَنْ يُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُعْقَرَ جَوَادُهُ وَيُعَفَّرَ وَجْهُهُ بدمه وترابه، وقد ثبت في الصحيحين أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ، أَيُكَفِّرُ اللَّهُ عَنِّي خَطَايَايَ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، ثُمَّ قَالَ: «كَيْفَ قُلْتَ»؟ فَأَعَادَ عَلَيْهِ مَا قَالَ، فَقَالَ: «نَعَمْ، إِلَّا الدَّيْنَ قَالَهُ لِي جِبْرِيلُ آنِفًا»، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ أَيْ تَجْرِي فِي خِلَالِهَا الْأَنْهَارُ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَشَارِبِ مِنْ لَبَنٍ وَعَسَلٍ وَخَمْرٍ وَمَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ. وَقَوْلُهُ: ﴿ثَوَابًا مِّن عِندِ اللَّهِ﴾ أَضَافَهُ إِلَيْهِ وَنَسَبَهُ إِلَيْهِ لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّهُ عَظِيمٌ، لِأَنَّ الْعَظِيمَ الْكَرِيمَ لَا يُعْطِي إِلَّا جَزِيلًا كَثِيرًا كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
إِنْ يُعذّبْ يكنْ غَرَامًا وَإِنْ يُعْ * طِ جَزِيلَا فَإِنَّهُ لَا يُبَالِي
وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ﴾ أَيْ عِنْدَهُ حُسْنُ الجزاء لمن عمل صالحًا.
- ١٩٦ - لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلَادِ
- ١٩٧ - مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ
- ١٩٨ - لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِّنْ عِندِ اللَّهِ وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ
ومعناه: لا تنظر إِلَى مَا هَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ مُتْرَفُونَ فِيهِ مِنَ النِّعْمَةِ وَالْغِبْطَةِ وَالسُّرُورِ، فَعَمَّا قَلِيلٍ يَزُولُ هَذَا كُلُّهُ عَنْهُمْ، وَيُصْبِحُونَ مُرْتَهَنِينَ بِأَعْمَالِهِمُ السَّيِّئَةِ، فَإِنَّمَا نَمُدُّ لَهُمْ فِيمَا هُمْ فِيهِ اسْتِدْرَاجًا، وَجَمِيعُ مَا هُمْ فِيهِ ﴿مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ وَهَذِهِ الْآيَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ فلا يغرنك تَقَلُّبُهُمْ فِي البلاد﴾ وَقَالَ تَعَالَى: ﴿مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ﴾، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ﴾، وقال تعالى: ﴿فَمَهِّلِ الكافرين أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا﴾ أَيْ قَلِيلًا وَقَالَ تَعَالَى: ﴿أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لاَقِيهِ كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ﴾؟ وَهَكَذَا لَمَّا ذَكَرَ حَالَ الْكُفَّارِ فِي الدُّنْيَا وذكر أن مآالهم إلى النار قال بعده: ﴿لمن الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ الله وَمَا عِندَ الله خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ﴾ عن عبد الله بن عمروا قال: إنما سمّاهم الْأَبْرَارَ لِأَنَّهُمْ بَرُّوا الْآبَاءَ وَالْأَبْنَاءَ، كَمَا أَنَّ لِوَالِدَيْكَ عَلَيْكَ حَقًّا، كَذَلِكَ لِوَلَدِكَ عَلَيْكَ حَقٌّ وعن أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَالْمَوْتُ خَيْرٌ لَهُ، وَمَا مِنْ كَافِرٍ إِلَّا وَالْمَوْتُ خَيْرٌ لَهُ، وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْنِي فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ﴾ وَيَقُولُ: ﴿وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ أنفسهم، إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ يزدادوا إِثْمًَا وَلَهْمُ عَذَابٌ مهين﴾ (أخرجه ابن جرير).
- ١٩٩ - وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ للَّهِ لَا يَشْتَرُونَ

1 / 349