182

Le Tafsir condensé d'Ibn Kathir

مختصر تفسير ابن كثير

Maison d'édition

دار القرآن الكريم

Numéro d'édition

السابعة

Année de publication

1402 AH

Lieu d'édition

بيروت

Genres

Tafsir
مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ»، قَالَتْ، قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنَّ الْقَلْبَ لَيَتَقَلَّبُ؟ قَالَ: «نَعَمْ، مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ بَشَرٍ إِلَّا أَنَّ قَلْبَهُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ ﷿، فَإِنْ شَاءَ أَقَامَهُ وَإِنْ شاء أزاغه» (رواه ابن مردويه وابن جرير). قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تُعَلِّمُنِي دَعْوَةً أدعو به لنفسي، قال: "بلى، قولي: اللهم رب محمد النبي اغفر لي ذنبي وأذهب غيظ قلبي وأجرين من مضلات الفتن".
وعن عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كَثِيرًا مَا يَدْعُو: «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَكْثَرَ مَا تَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ، فَقَالَ: "لَيْسَ مِنْ قَلْبٍ إِلَّا وَهُوَ بَيْنُ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ إِذَا شَاءَ أَنْ يُقِيمَهُ أَقَامَهُ، وَإِذَا شَاءَ أن يزيغه أزاغه. أما تسمعي قَوْلَهُ: ﴿رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الوهاب﴾ " (رواه ابن مردويه، قال ابن كثير: وأصله في الصحيحين) وعن سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَائِشَةَ ﵂: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ إِذَا اسْتَيْقَظَ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: «لا إله إلا أنت سبحانك أستغفرك لذنبي، واسألك رحمتك، اللَّهُمَّ زِدْنِي عِلْمًا، وَلَا تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي، وَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً. إِنَّكَ أَنتَ الوهاب» (رواه أبو داود والنسائي)
وقوله تعالى: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ﴾ أي يقولون من دُعَائِهِمْ إِنَّكَ يَا رَبَّنَا سَتَجْمَعُ بَيْنَ خَلْقِكَ يَوْمَ مَعَادِهِمْ، وَتَفْصِلُ بَيْنَهُمْ وَتَحْكُمُ فِيهِمْ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَتَجْزِي كُلًّا بِعَمَلِهِ، وَمَا كَانَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ.
- ١٠ - إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَّن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ
- ١١ - كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شديد العقاب
يخبر تعالى عن الكفّار بأنهم وَقُودُ النَّارِ: ﴿يَوْمَ لاَ يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سوء الدار﴾، وَلَيْسَ مَا أُوتُوهُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ بِنَافِعٍ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ، وَلَا بِمُنْجِيهِمْ من عذابه وأليم عقابه، كما قال تعالى: ﴿وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كافرون﴾.
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلَادِ، مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ وقال ههنا: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أَيْ بِآيَاتِ اللَّهِ، وَكَذَّبُوا رُسُلَهُ، وَخَالَفُوا كِتَابَهُ، وَلَمْ يَنْتَفِعُوا بِوَحْيِهِ إِلَى أَنْبِيَائِهِ: ﴿لَّن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ﴾ أَيْ حَطَبُهَا الَّذِي تُسْجَرُ بِهِ وَتُوقَدُ بِهِ كَقَوْلِهِ: ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جهنم﴾ الآية. وعن أُمِّ الْفَضْلِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَامَ لَيْلَةً بِمَكَّةَ، فَقَالَ: "هَلْ بَلَّغْتَ؟ يَقُولُهَا ثَلَاثًا، فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - وَكَانَ أوَّاهًا - فَقَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ، وَحَرَصْتَ وَجَهِدْتَ، وَنَصَحْتَ فَاصْبِرْ؛ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَيَظْهَرَنَّ الْإِيمَانُ حَتَّى يَرُدَّ الْكُفْرَ إِلَى مَوَاطِنِهِ، وَلِيَخُوضُنَّ رِجَالٌ الْبِحَارَ بِالْإِسْلَامِ، وَلِيَأْتِيَنَّ

1 / 267