Mukhtasar Tafsir Al-Baghawi, also known as Ma'alim at-Tanzil
مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل
Maison d'édition
دار السلام للنشر والتوزيع
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٦هـ
Lieu d'édition
الرياض
Genres
صورة الأنبياء ﵈ فَكَانَ عِنْدَ آدَمَ إِلَى أَنْ مات ثُمَّ تَدَاوَلَتْهُ أَنْبِيَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وكان فيه ما ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [البقرة: ٢٤٨] اخْتَلَفُوا فِي السَّكِينَةِ مَا هِيَ؟ فقيل هي ريح خجوج هفافة وقيل: شَيْءٌ يُشْبِهُ الْهِرَّةَ لَهُ رَأْسٌ كرأس الهرة فَكَانُوا إِذَا سَمِعُوا صَوْتَهُ تَيَقَّنُوا بالنصرة وقيل: هي طشت من ذهب من الجنة وقيل: هِيَ رُوحٌ مِنَ اللَّهِ يَتَكَلَّمُ إذا اختلفوا في شيء يخبرهم ببيان ما يريدون وقيل: هِيَ مَا يَعْرِفُونَ مِنَ الْآيَاتِ فيسكنون إليها، وقيل: طُمَأْنِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ، فَفِي أَيِّ مَكَانٍ كَانَ التَّابُوتُ اطْمَأَنُّوا إِلَيْهِ وَسَكَنُوا، ﴿وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ﴾ [البقرة: ٢٤٨] يعني: موسى وهارون نفسهما، كَانَ فِيهِ لَوْحَانِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَرُضَاضِ الْأَلْوَاحِ الَّتِي تَكَسَّرَتْ، وَكَانَ فِيهِ عَصَا مُوسَى وَنَعْلَاهُ، وَعِمَامَةُ هارون وعصاه، وقفير مِنَ الْمَنِّ الَّذِي كَانَ يَنْزِلُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَكَانَ التَّابُوتُ عِنْدَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَانُوا إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ تَكَلَّمَ وَحَكَمَ بَيْنَهُمْ، وَإِذَا حَضَرُوا الْقِتَالَ قَدَّمُوهُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ فَيَسْتَفْتِحُونَ بِهِ عَلَى عدوهم، فلما عصوا وأفسدوا سلّط الله عليهم العمالقة فغلبهم على التابوت، ﴿تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ﴾ [البقرة: ٢٤٨] أَيْ: تَسُوقُهُ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄: جَاءَتِ الْمَلَائِكَةُ بِالتَّابُوتِ تَحْمِلُهُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ حَتَّى وَضَعَتْهُ عِنْدَ طَالُوتَ، وَقَالَ الْحَسَنُ: كَانَ التَّابُوتُ مَعَ الْمَلَائِكَةِ فِي السَّمَاءِ فَلَمَّا وَلِيَ طَالُوتُ الْمُلْكَ حَمَلَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَوَضَعَتْهُ بَيْنَهُمْ، وَقَالَ قَتَادَةُ: بَلْ كَانَ التَّابُوتُ فِي التِّيهِ خلفه موسى فَحَمَلَتْهُ الْمَلَائِكَةُ حَتَّى وَضَعَتْهُ فِي دَارِ طَالُوتَ فَأَقَرُّوا بِمُلْكِهِ، ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً﴾ [البقرة: ٢٤٨] لَعِبْرَةً، ﴿لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [البقرة: ٢٤٨] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄: إِنَّ التَّابُوتَ وَعَصَا مُوسَى فِي بُحَيْرَةِ طَبَرِيَةَ، وَأَنَّهُمَا يَخْرُجَانِ قبل يوم القيامة.
[٢٤٩] قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ﴾ [البقرة: ٢٤٩] أَيْ: خَرَجَ بِهِمْ، وَأَصْلُ الْفَصْلِ: الْقَطْعُ، يَعْنِي قَطَعَ مُسْتَقَرَّهُ شَاخِصًا إِلَى غَيْرِهِ، فَخَرَجَ طَالُوتُ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ بِالْجُنُودِ وَهُمْ يَوْمَئِذٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مُقَاتِلٍ، وَقِيلَ: ثَمَانُونَ ألفا وَكَانَ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ فَشَكَوْا قِلَّةَ الْمَاءِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهِمْ، فَقَالُوا: إِنَّ الْمِيَاهَ قَلِيلَةٌ لَا تَحْمِلُنَا فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يُجْرِيَ لنا نهرا، ﴿قَالَ﴾ [البقرة: ٢٤٩] طالوت: ﴿إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ﴾ [البقرة: ٢٤٩] مُخْتَبِرُكُمْ لِيَرَى طَاعَتَكُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ، (بِنَهَرٍ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالسُّدِّيُّ: هُوَ نَهْرُ فِلَسْطِينَ، وَقَالَ قَتَادَةُ: نَهْرٌ بَيْنَ الْأُرْدُنِ وَفِلَسْطِينَ عَذْبٌ، ﴿فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي﴾ [البقرة: ٢٤٩] أي: مِنْ أَهْلِ دِينِي وَطَاعَتِي، ﴿وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ﴾ [البقرة: ٢٤٩] لم يَشْرَبْهُ ﴿فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ﴾ [البقرة: ٢٤٩] الْغُرْفَةُ بِالضَّمِّ الَّذِي يَحْصُلُ فِي الْكَفِّ مِنَ الْمَاءِ إِذَا غُرِفَ، وَالْغَرْفَةُ بِالْفَتْحِ: الِاغْتِرَافُ، فَالضَّمُّ اسْمٌ وَالْفَتْحُ مَصْدَرٌ،
1 / 97