98

Les éclairs envoyés sur les Jahmites et ceux qui nient les attributs divins

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Chercheur

سيد إبراهيم

Maison d'édition

دار الحديث

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Lieu d'édition

القاهرة - مصر

Genres

صِدْقِ قَضَايَا نَفْسِهِ دِلَالَةً عَامَّةً ; وَلِأَنَّ الْعَقْلَ يَغْلَطُ كَمَا يَغْلَطُ الْحِسُّ، وَأَكْثَرَ مِنْ غَلَطِهِ بِكَثِيرٍ، فَإِذَا كَانَ حُكْمُ الْحِسِّ مِنْ أَقْوَى الْأَحْكَامِ وَيَعْرِضُ فِيهِ مِنَ الْغَلَطِ مَا يَعْرِضُ، فَمَا الظَّنُّ بِالْعَقْلِ.
الثَّامِنُ: أَنَّ الدَّلِيلَ الدَّالَّ عَلَى صِحَّةِ الشَّيْءِ أَوْ ثُبُوتِهِ أَوْ عَدَالَتِهِ أَوْ قَبُولِ قَوْلِهِ لَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَصْلًا لَهُ، بِحَيْثُ إِذَا قُدِّمَ قَوْلُ الْمَشْهُودِ لَهُ وَالْمَدْلُولِ عَلَيْهِ عَلَى قَوْلِهِ يَلْزَمُ إِبْطَالُهُ، وَهَذَا لَا يَقُولُهُ مَنْ يَدْرِي مَا يَقُولُ، غَايَتُهُ أَنَّ الْعِلْمَ بِالدَّلِيلِ أَصْلُ الْعِلْمِ بِالْمَدْلُولِ، فَإِذَا حَصَلَ الْعِلْمُ بِالْمَدْلُولِ لَمْ يَلْزَمْ مِنْ ذَلِكَ تَقْدِيمُ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا شَهِدَ النَّاسُ لِرَجُلٍ بِأَنَّهُ خَبِيرٌ بِالطِّبِّ أَوِ التَّقْوِيمِ أَوِ الْقِيَافَةِ دُونَهُمْ، ثُمَّ نَازَعَ الشُّهُودُ الْمَشْهُودَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَجَبَ تَقْدِيمُ قَوْلِ الْمَشْهُودِ لَهُ، فَلَوْ قَالُوا: نَحْنُ شَهِدْنَا لَكَ وَزَكَّيْنَاكَ وَبِشَهَادَتِنَا ثَبَتَتْ أَهْلِيَّتُكَ، فَتَقْدِيمُ قَوْلِكَ عَلَيْنَا وَالرُّجُوعُ إِلَيْكَ دُونَنَا يَقْدَحُ فِي أَصْلِ الَّذِي ثَبَتَ بِهِ قَوْلُكَ، قَالَ لَهُمْ: أَنْتُمْ شَهِدْتُمْ بِمَا عَلِمْتُمْ أَنِّي أَهْلٌ لِذَلِكَ دُونَكُمْ، وَأَنَّ قَوْلِي فِيهِ مَقْبُولٌ دُونَكُمْ، فَلَوْ قَدَّمْتُ أَقْوَالَكُمْ عَلَى قَوْلِي فِيمَا اخْتَلَفْنَا فِيهِ لَكَانَ ذَلِكَ قَدْحًا فِي شَهَادَتِكُمْ وَعِلْمِكُمْ بِأَنِّي أَعْلَمُ مِنْكُمْ.
[تَقْدِيمَ الْعَقْلِ عَلَى الشَّرْعِ يَتَضَمَّنُ الْقَدْحَ فِي الْعَقْلِ وَالشَّرْعِ]
وَحِينَئِذٍ فَهَذَا وَجْهٌ تَاسِعٌ مُسْتَقِلٌّ بِكَسْرِ هَذَا الطَّاغُوتِ، وَهُوَ أَنَّ تَقْدِيمَ الْعَقْلِ عَلَى الشَّرْعِ يَتَضَمَّنُ الْقَدْحَ فِي الْعَقْلِ وَالشَّرْعِ ; لِأَنَّ الْعَقْلَ قَدْ شَهِدَ الشَّرْعُ وَالْوَحْيُ بِأَنَّهُ أَعْلَمُ مِنْهُ، وَأَنَّهُ لَا نِسْبَةَ لَهُ إِلَيْهِ، وَأَنَّ نِسْبَةَ عُلُومِهِ وَمَعَارِفِهِ إِلَى الْوَحْيِ أَقَلُّ مِنْ خَرْدَلَةٍ بِالْإِضَافَةِ إِلَى جَبَلٍ، فَلَوْ قُدِّمَ حُكْمُ الْعَقْلِ عَلَيْهِ لَكَانَ ذَلِكَ قَدْحًا فِي شَهَادَتِهِ، وَإِذَا بَطَلَتْ شَهَادَتُهُ بَطَلَ قَبُولُ قَوْلِهِ، فَتَقْدِيمُ الْعَقْلِ عَلَى الْوَحْيِ يَتَضَمَّنُ الْقَدْحَ فِيهِ وَفِي الشَّرْعِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا خَفَاءَ بِهِ، يُوَضِّحُهُ:
الْوَجْهُ الْعَاشِرُ: وَهُوَ أَنَّ الشَّرْعَ مَأْخُوذٌ عَنِ اللَّهِ بِوَاسِطَةِ الرَّسُولَيْنِ وَالْبَشَرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عِبَادِهِ، مُؤَيَّدًا بِشَهَادَةِ الْآيَاتِ وَظُهُورِ الْبَرَاهِينِ عَلَى مَا يُوجِبُهُ الْعَقْلُ وَيَقْتَضِيهِ تَارَةً وَيَسْتَحْسِنُهُ تَارَةً وَيُجَوِّزُهُ تَارَةً وَيَضْعُفُ عَنْ دَرْكِهِ تَارَةً، فَلَا سَبِيلَ لَهُ إِلَى الْإِحَاطَةِ بِهِ، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنَ التَّسْلِيمِ لَهُ وَالِانْقِيَادِ لِحُكْمِهِ وَالْإِذْعَانِ وَالْقَبُولِ وَهُنَاكَ يَسْقُطُ (لَمْ) وَيَبْطُلُ (كَيْفَ) وَتَزُولُ (هَلَّا) وَتَذْهَبُ (لَوْ، وَلَيْتَ) فِي الرِّيحِ، لَأَنَّ اعْتِرَاضَ الْمُعْتَرِضِ عَلَيْهِ مَرْدُودٌ، وَاقْتِرَاحَ الْمُقْتَرِحِ مَا ظَنَّ أَنَّهُ أَوْلَى مِنْهُ سَفَهٌ، وَجُمْلَةُ الشَّرِيعَةِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى أَنْوَاعِ الْحِكْمَةِ عِلْمًا وَعَمَلًا، حَتَّى لَوْ جُمِعَتْ حِكَمُ جَمِيعِ الْأُمَمِ وَنُسِبَتْ إِلَيْهَا لَمْ تَكُنْ لَهَا إِلَيْهَا نِسْبَةٌ، وَهِيَ مُتَضَمِّنَةٌ لِأَعْلَى الْمَطَالِبِ بِأَقْرَبِ الطُّرُقِ وَأَتَمِّ الْبَيَانِ فَهِيَ مُتَكَفِّلَةٌ بِتَعْرِيفِ

1 / 113