81

Les éclairs envoyés sur les Jahmites et ceux qui nient les attributs divins

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Chercheur

سيد إبراهيم

Maison d'édition

دار الحديث

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Lieu d'édition

القاهرة - مصر

Genres

فَإِنَّ خَلْقَهُ لِعَبْدِهِ أَصْلُ إِنْعَامِهِ عَلَيْهِ، وَأَنْعَامُهُ كُلُّهَا تَابِعَةٌ لِإِيجَادِهِ وَخَلْقِهِ، وَقَدْ جَبَلَ اللَّهُ الْعُقُولَ وَالْفِطَرَ وَالشَّرَائِعَ عَلَى شُكْرِ الْمُنْعِمِ وَمَحَبَّةِ الْمُحْسِنِ. وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى مَا يَقُولُهُ نُفَاةُ التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّهُ مِنْ أَفْسَدِ الْأَحْوَالِ وَأَبْطَلِهَا فِي الْعُقُولِ وَالْفِطَرِ وَالشَّرَائِعِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ مُخَوِّفًا تَخْوِيفَ النَّاصِحِ فَقَالَ: ﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [البقرة: ٢٤٥] ثُمَّ أَخْبَرَ عَنِ الْآلِهَةِ الَّتِي تُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ فَقَالَ: ﴿أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ﴾ [يس: ٢٣] فَإِنَّ الْعَبْدَ يُرِيدُ مِنْ مَعْبُودِهِ أَنْ يَنْفَعَهُ وَقْتَ حَاجَتِهِ إِلَيْهِ، وَأَنَّهُ إِذَا أَرَادَنِي الرَّحْمَنُ الَّذِي فَطَرَنِي بِضُرٍّ لَمْ يَكُنْ لِهَذِهِ الْآلِهَةِ مِنَ الْقُدْرَةِ مَا يُنْقِذُونِي بِهَا مِنْ ذَلِكَ الضُّرِّ، وَلَا مِنَ الْجَاهِ وَالْمَكَانَةِ عِنْدَهُ مَا يَشْفَعُ لِي إِلَيْهِ، وَلَا يُخَلِّصُ مِنْ ذَلِكَ الضُّرِّ، فَبِأَيِّ وِجْهَةٍ تَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ؟ ﴿إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [يس: ٢٤] إِنْ عَبَدْتُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ هَذَا شَأْنُهُ. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ حِجَاجِ الْقُرْآنِ يَسِيرٌ مِنْ كَثِيرٍ. وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ يَتَضَمَّنُ الْأَدِلَّةَ الْعَقْلِيَّةَ وَالْبَرَاهِينَ الْقَطْعِيَّةَ الَّتِي لَا مَطْمَعَ فِي التَّشْكِيكِ فِيهَا أَوِ الْأَسْئِلَةِ عَلَيْهَا إِلَّا لِمُعَانِدٍ مُكَابِرٍ، وَالْمُتَأَوِّلُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُقِيمَ عَلَى مُبْطِلٍ حُجَّةً نَقْلِيَّةً وَلَا عَقْلِيَّةً، أَمَّا النَّقْلُ فَإِنَّهُ عِنْدَهُ قَابِلٌ لِلتَّأْوِيلِ، وَهُوَ لَا يُفِيدُ الْيَقِينَ، وَأَمَّا الْعَقْلُ فَلِأَنَّهُ قَدْ خَرَجَ عَنْ صَرِيحِهِ وَمُوجِبِهِ بِالْقَوَاعِدِ الَّتِي قَادَتْهُ إِلَى تَأْوِيلِ النُّصُوصِ وَإِخْرَاجِهَا عَنْ ظَوَاهِرِهَا وَحَقَائِقِهَا، فَصَارَتْ تِلْكَ الْقَوَاعِدُ الْبَاطِلَةُ حِجَابًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَقْلِ وَالسَّمْعِ، فَإِذَا احْتَجَّ عَلَى خَصْمِهِ بِحُجَّةٍ عَقْلِيَّةٍ نَازَعَهُ خَصْمُهُ فِي مُقَدِّمَتِهَا بِمَا سَلَّمَ لَهُ مِنَ الْقَوَاعِدِ الَّتِي تُخَالِفُهَا. [موافقة صريح العقل لصحيح النقل] فَالْمَقْصُودُ الصَّرِيحُ هُوَ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ النُّصُوصُ، فَإِذَا أَبْطَلَهُ بِالتَّأْوِيلِ فَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ صَحِيحٌ يَحْتَجُّ بِهِ عَلَى خَصْمِهِ كَمَا لَمْ يَبْقَ مَعَهُ مَنْقُولٌ صَرِيحٌ، فَإِنَّهُ قَدْ عَرَضَ الْمَنْقُولَ لِلتَّأْوِيلِ، وَالْمَعْقُولُ الصَّرِيحُ خَرَجَ عَنْهُ بِالَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ مَعْقُولٌ. وَمِثَالُ هَذَا أَنَّ الْعَقْلَ الصَّحِيحَ الَّذِي لَا يَكْذِبُ وَلَا يَغْلَطُ قَدْ حَكَمَ حُكْمًا لَا يَقْبَلُ الْغَلَطَ أَنَّ كُلَّ ذَاتَيْنِ قَائِمَتَيْنِ بِأَنْفُسِهِمَا إِمَّا أَنْ تَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُبَايِنَةً لِلْأُخْرَى أَوْ مُحَايِثَةً لَهَا، وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الذَّاتُ قَائِمَةً بِنَفْسِهَا، وَإِحْدَاهُمَا لَيْسَتْ فَوْقَ الْأُخْرَى، وَلَا تَحْتَهَا، وَلَا عَنْ يَمِينِهَا وَلَا عَنْ يَسَارِهَا وَلَا مُحَايِثَةً وَلَا دَاخِلَةً فِيهَا وَلَا خَارِجَةً عَنْهَا، فَإِذَا خُولِفَ مُقْتَضَى هَذَا الْمَعْقُولِ الصَّرِيحِ وَدُفِعَ مُوجِبُهُ، فَأَيُّ دَلِيلٍ عَقْلِيٍّ احْتَجَّ بِهِ الْمُخَالِفُ بَعْدَ هَذَا عَلَى مُبْطِلٍ أَمْكَنَهُ دَفْعُهُ هُوَ بِهِ حُكْمُ هَذَا الْعَقْلِ.

1 / 95