Les éclairs envoyés sur les Jahmites et ceux qui nient les attributs divins
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
Chercheur
سيد إبراهيم
Maison d'édition
دار الحديث
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Lieu d'édition
القاهرة - مصر
Genres
غِذَاؤُهُمُ الْمَنُّ وَالسَّلْوَى بِلَا تَعَبٍ فَآثَرُوا عَلَيْهِ الْفُومَ وَالْعَدَسَ وَالْبَصَلَ، وَقَدْ جَرَتْ عَادَةُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ أَنْ يُذِلَّ مَنْ آثَرَ عَلَى الْأَعْلَى، وَيَجْعَلَهُ عِبْرَةً لِلْعُقَلَاءِ.
فَأَوَّلُ هَذَا الصِّنْفِ إِبْلِيسُ، لَعَنَهُ اللَّهُ، تَرَكَ السُّجُودَ لِآدَمَ كِبْرًا فَابْتَلَاهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْقِيَادَةِ لِفُسَّاقِ ذُرِّيَّتِهِ، وَعُبَّادُ الْأَصْنَامِ الَّذِينَ لَمْ يُقِرُّوا بِنَبِيٍّ مِنَ الْبَشَرِ وَرَضُوا بِآلِهَةٍ مِنَ الْحَجَرِ، وَالْجَهْمِيَّةُ نَزَّهُوا اللَّهَ عَنْ عَرْشِهِ لِئَلَّا يَحْوِيَهُ مَكَانٌ ثُمَّ قَالُوا: هُوَ فِي الْآبَارِ وَالْأَنْجَاسِ، وَفِي كُلِّ مَكَانٍ، وَهَكَذَا طَوَائِفُ الْبَاطِلِ لَمْ يَرْضَوْا بِنُصُوصِ الْوَحْيِ فَابْتَلَوْهُ بِزُبَالَةِ أَذْهَانِ الْمُتَحَيِّرِينَ، وَوَرَثَةِ الصَّابِئِينَ وَأَفْرَاخِ الْفَلَاسِفَةِ الْمُلْحِدِينَ.
[فَصْلٌ أَسْبَابٌ قَبُولُ التَّأْوِيلِ]
فَصْلٌ
قَبُولُ التَّأْوِيلِ لَهُ أَسْبَابٌ: مِنْهَا: أَنْ يَأْتِيَ بِهِ صَاحِبُهُ مُمَوَّهًا بِزُخْرُفٍ مِنَ الْقَوْلِ، مَكْسُوًّا حُلَّةَ الْفَصَاحَةِ وَالْعِبَارَةِ الرَّشِيقَةِ فَتُسْرِعُ الْعُقُولُ الضَّعِيفَةُ إِلَى قَبُولِهِ وَاسْتِحْسَانِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ﴾ [الأنعام: ١١٢] فَذَكَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُمْ يَسْتَعِينُونَ عَلَى مُخَالَفَةِ أَمْرِ الْأَنْبِيَاءِ بِمَا يُزَخْرِفُهُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مِنَ الْقَوْلِ، وَيَفْتَرِيهِ الْأَغْمَارُ وَضُعَفَاءُ الْعُقُولِ، فَذَكَرَ السَّبَبَ الْفَاعِلَ وَهُوَ مَا يَغُرُّ السَّامِعَ مِنْ زُخْرُفِ الْقَوْلِ، فَلَمَّا أَصْغَتْ إِلَيْهِ وَرَضِيَتْهُ اقْتَرَفَتْ مَا تَدْعُو إِلَيْهِ مِنَ الْبَاطِلِ قَوْلًا وَعَمَلًا.
فَتَأَمَّلْ هَذِهِ الْآيَاتِ وَمَا تَحْتَهَا مِنْ هَذَا الْمَعْنَى الْعَظِيمِ الْقَدْرِ الَّذِي فِيهِ بَيَانُ أُصُولِ الْبَاطِلِ وَالتَّنْبِيهُ عَلَى مَوَاقِعِ الْحَذَرِ مِنْهَا، وَإِذَا تَأَمَّلْتَ مَقَالَاتِ أَهْلِ الْبَاطِلِ رَأَيْتَهُمْ قَدْ كَسَوْهَا مِنَ الْعِبَارَاتِ الْمُسْتَحْسَنَةِ مَا يُسْرِعُ إِلَى قَبُولِهِ كُلُّ مَنْ لَيْسَ لَهُ بَصِيرَةٌ نَافِذَةٌ، فَيُسَمُّونَ أُمَّ الْخَبَائِثِ أُمَّ الْأَفْرَاحِ، وَيُسَمُّونَ اللُّقْمَةَ الْمَلْعُونَةَ الَّتِي هِيَ الْحَشِيشَةُ: لُقَيْمَةَ الذِّكْرِ وَالْفِكْرِ الَّتِي تُثِيرُ الْغَرَامَ السَّاكِنَ إِلَى أَشْرَفِ الْأَمَاكِنِ، وَيُسَمُّونَ مَجَالِسَ الْفُجُورِ: الْمَجَالِسَ الطِّبِّيَّةَ، حَتَّى إِنَّ بَعْضَهُمْ لَمَّا عَدَلَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَالُوا: تَرْكُ الْمَعَاصِي وَالتَّخَوُّفُ مِنْهَا إِسَاءَةُ ظَنٍّ بِرَحْمَةِ اللَّهِ وَجَرَاءَةٌ عَلَى سِعَةِ عَفْوِهِ وَمَغْفِرَتِهِ، فَانْظُرْ مَا تَفْعَلُ هَذِهِ الْكَلِمَةُ فِي قَلْبٍ مُمْتَلِئٍ بِالشَّهَوَاتِ، ضَعِيفِ الْعِلْمِ وَالْبَصِيرَةِ.
السَّبَبُ الثَّانِي: أَنْ يُخْرِجَ الْمَعْنَى الَّذِي يُرِيدُ إِبْطَالَهُ فِي صُورَةٍ مُسْتَهْجَنَةٍ تَنْفِرُ عَنْهَا الْقُلُوبُ، وَتَنْبُو عَنْهَا الْأَسْمَاعُ، فَيُسَمَّى عَدَمُ الِانْبِسَاطِ إِلَى الْفُسَّاقِ: سُوءَ خُلُقٍ، وَالْأَمْرَ
1 / 78