Les éclairs envoyés sur les Jahmites et ceux qui nient les attributs divins

Ibn Mawsili d. 774 AH
60

Les éclairs envoyés sur les Jahmites et ceux qui nient les attributs divins

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Chercheur

سيد إبراهيم

Maison d'édition

دار الحديث

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Lieu d'édition

القاهرة - مصر

Genres

وَظَنُّوا أَنَّ الرُّسُلَ قَصَدَتْ ذَلِكَ مِنَ الْمُخَاطَبِينَ تَعْرِيضًا لَهُمْ إِلَى الثَّوَابِ الْجَزِيلِ بِبَذْلِ الْجُهْدِ فِي تَأْوِيلِهَا وَاسْتِخْرَاجِ مَعَانٍ تَلِيقُ بِهَا، وَأُولَئِكَ حَرَّمُوا التَّأْوِيلَ وَرَأَوْهُ عَائِدًا عَلَى الشَّرِيعَةِ بِالْإِبْطَالِ، وَالطَّائِفَتَانِ مُتَّفِقَتَانِ عَلَى إِبْطَالِ حَقَائِقِهَا الْمَفْهُومَةِ مِنْهَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. وَالصِّنْفُ الثَّالِثُ: أَصْحَابُ التَّجْهِيلِ الَّذِينَ قَالُوا: نُصُوصُ الصِّفَاتِ أَلْفَاظٌ لَا تُعْقَلُ مَعَانِيَهَا وَلَا يُدْرَى مَا أَرَادَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْهَا، وَلَكِنْ نَقْرَؤُهَا أَلْفَاظًا لَا مَعَانِيَ لَهَا، وَنَعْلَمُ أَنَّ لَهَا تَأْوِيلًا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ، وَهِيَ عِنْدَنَا بِمَنْزِلَةِ: (كهيعص) وَ(حَم عسق) وَ(المص) فَلَوْ وَرَدَ عَلَيْنَا مِنْهَا مَا وَرَدَ لَمْ نَعْتَقِدْ فِيهِ تَمْثِيلًا وَلَا تَشْبِيهًا، وَلَمْ نَعْرِفْ مَعْنَاهُ، وَنُنْكِرْ عَلَى مَنْ تَأَوَّلَهُ، وَنَكِلُ عِلْمَهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَظَنَّ هَؤُلَاءِ أَنَّ هَذِهِ طَرِيقَةُ السَّلَفِ وَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَ حَقَائِقَ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، وَلَا يَفْهَمُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ [ص: ٧٥] وَقَوْلِهِ: ﴿وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [الزمر: ٦٧] وَقَوْلِهِ: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: ٥] وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِنْ نُصُوصِ الصِّفَاتِ. وَبَنَوْا هَذَا الْمَذْهَبَ عَلَى أَصْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذِهِ النُّصُوصَ مِنَ الْمُتَشَابِهِ، وَالثَّانِي: أَنَّ لِلْمُتَشَابِهِ تَأْوِيلًا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ، فَنَتَجَ مِنْ هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ اسْتِجْهَالُ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَسَائِرِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، وَأَنَّهُمْ كَانُوا يَقْرَءُونَ هَذِهِ الْآيَاتِ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالصِّفَاتِ وَلَا يَعْرِفُونَ مَعْنَى ذَلِكَ وَلَا مَا أُرِيدَ بِهِ، وَلَازِمُ قَوْلِهِمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَتَكَلَّمُ بِذَلِكَ وَلَا يَعْلَمُ مَعْنَاهُ، ثُمَّ تَنَاقَضُوا أَقْبَحَ تَنَاقُضٍ فَقَالُوا: تُجْرَى عَلَى ظَوَاهِرِهَا، وَتَأْوِيلُهَا بِمَا يُخَالِفُ الظَّوَاهِرَ بَاطِلٌ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَهَا تَأْوِيلٌ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ، فَكَيْفَ يُثْبِتُونَ لَهَا تَأْوِيلًا وَيَقُولُونَ: تُجْرَى عَلَى ظَوَاهِرِهَا، وَيَقُولُونَ: الظَّاهِرُ مِنْهَا مُرَادٌ، وَالرَّبُّ مُنْفَرِدٌ بِعِلْمِ تَأْوِيلِهَا، وَهَلْ فِي التَّنَاقُضِ أَقْبَحُ مِنْ هَذَا؟ وَهَؤُلَاءِ غَلِطُوا فِي الْمُتَشَابِهِ وَفِي جَعْلِ هَذِهِ النُّصُوصِ مِنَ الْمُتَشَابِهِ، وَفِي كَوْنِ الْمُتَشَابِهِ لَا يَعْلَمُ مَعْنَاهُ إِلَّا اللَّهُ، فَأَخْطَئُوا فِي الْمُقَدِّمَاتِ الثَّلَاثِ وَاضْطَرَّهُمْ إِلَى هَذَا: التَّخَلُّصُ مِنْ تَأْوِيلَاتِ الْمُبْطِلِينَ وَتَحْرِيفَاتِ الْمُعَطِّلِينَ، وَسَدُّوا عَلَى نُفُوسِهِمُ الْبَابَ، وَقَالُوا: لَا نَرْضَى بِالْخَطَأِ، وَلَا وُصُولَ لَنَا إِلَى الصَّوَابِ، فَتَرَكُوا التَّدْبِيرَ الْمَأْمُورَ بِهِ وَالتَّعَقُّلَ لِمَعَانِي النُّصُوصِ، وَتَعَبَّدُوا بِالْأَلْفَاظِ الْمُجَرَّدَةِ الَّتِي أُنْزِلَتْ فِي ذَلِكَ، وَظَنُّوا أَنَّهَا

1 / 74