Les éclairs envoyés sur les Jahmites et ceux qui nient les attributs divins
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
Chercheur
سيد إبراهيم
Maison d'édition
دار الحديث
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Lieu d'édition
القاهرة - مصر
Genres
هُمُ الْأَقَلُّ، وَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ﴾ [آل عمران: ٧] وَهَؤُلَاءِ أَهْلُ الْكَلَامِ.
وَأَشَدُّ مَا عُرِضَ عَلَى الشَّرِيعَةِ مِنْ هَذَا الصِّنْفِ أَنَّهُمْ تَأَوَّلُوا كَثِيرًا مِمَّا ظَنُّوهُ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ، فَقَالُوا: إِنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ هُوَ الْمَقْصُودُ بِهِ إِنَّمَا أَتَى اللَّهُ بِهِ فِي صُورَةِ الْمُتَشَابِهِ ابْتِلَاءً لِعِبَادِهِ وَاخْتِبَارًا لَهُمْ، فَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ هَذَا الظَّنِّ بِاللَّهِ، بَلْ نَقُولُ: إِنَّ كِتَابَ اللَّهِ الْعَزِيزِ إِنَّمَا جَاءَ مُعْجِزًا مِنْ جِهَةِ الْوُضُوحِ وَالْبَيَانِ، فَإِذَا مَا أَبْعَدَهُ عَنْ مَقْصِدِ الشَّرْعِ مَنْ قَالَ فِيمَا لَيْسَ بِمُتَشَابِهٍ: إِنَّهُ مُتَشَابِهٌ، ثُمَّ أَوَّلَ ذَلِكَ الْمُتَشَابِهَ بِزَعْمِهِ، وَقَالَ لِجَمِيعِ النَّاسِ: إِنَّ فَرْضَكُمُ اعْتِقَادَ هَذَا التَّأْوِيلِ مِثْلَ مَا قَالُوهُ فِي آيَاتِ الِاسْتِوَاءِ عَلَى الْعَرْشِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، مِمَّا قَالُوا إِنَّ ظَاهِرَهُ مُتَشَابِهٌ.
وَبِالْجُمْلَةِ فَأَكْثَرُ التَّأْوِيلَاتِ الَّتِي زَعَمَ الْقَائِلُونَ بِهَا أَنَّهَا الْمَقْصُودُ مِنَ الشَّرْعِ إِذَا تُؤُمِّلَتْ وُجِدَتْ لَيْسَ يَقُومُ عَلَيْهَا بُرْهَانٌ وَلَا يُعْقَلُ فِعْلُ الظَّاهِرِ فِي قَبُولِ الْجُمْهُورِ لَهَا، وَعَمَلِهِمْ بِهَا، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ الْأَوَّلَ بِالْعِلْمِ فِي حَقِّ الْجُمْهُورِ إِنَّمَا هُوَ الْعَمَلُ، فَمَا كَانَ أَنْفَعَ فِي الْعَمَلِ كَانَ أَجْدَرَ، وَأَمَّا الْمَقْصُودُ بِالْعِلْمِ فِي حَقِّ الْعُلَمَاءِ فَهُوَ الْأَمْرَانِ جَمِيعًا، أَعْنِي الْعِلْمَ وَالْعَمَلَ.
مِثَالُ مَنْ أَوَّلَ شَيْئًا مِنَ الشَّرْعِ وَزَعَمَ أَنَّ الَّذِي أَوَّلَهُ هُوَ الَّذِي قَصَدَهُ الشَّرْعُ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ التَّأْوِيلِ لِلْجُمْهُورِ مِثَالُ مَنْ أَتَى إِلَى دَوَاءٍ قَدْ رَكَّبَهُ طَبِيبٌ مَاهِرٌ لِيَحْفَظَ صِحَّةَ جَمِيعِ النَّاسِ أَوِ الْأَكْثَرِ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَلَمْ يُلَائِمْهُ ذَلِكَ الدَّوَاءُ الْمُرَكَّبُ الْأَعْظَمُ، لِرَدَاءَةِ مِزَاجٍ كَانَ بِهِ لَيْسَ يَعْرِضُ إِلَّا لِلْأَقَلِّ مِنَ النَّاسِ، فَزَعَمَ أَنَّ بَعْضَ الْأَدْوِيَةِ الَّذِي صَرَّحَ بِاسْمِهِ الطَّبِيبِ الْأَوَّلِ فِي ذَلِكَ الدَّوَاءِ الْعَامِّ الْمَنْفَعَةِ الْمُرَكَّبِ، لَمْ يُرِدْ بِهِ ذَلِكَ الدَّوَاءَ الَّذِي جَرَتِ الْعَادَةُ فِي اللِّسَانِ أَنْ يَدُلَّ ذَلِكَ الِاسْمُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ دَوَاءً آخَرَ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يَدُلَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِاسْتِعَارَةٍ بَعِيدَةٍ، فَأَزَالَ الدَّوَاءَ الْأَوَّلَ مِنْ ذَلِكَ الْمُرَكَّبِ الْأَعْظَمِ وَجَعَلَ فِيهِ بَدَلَهُ الدَّوَاءَ الَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ قَصَدَهُ الطَّبِيبُ، وَقَالَ لِلنَّاسِ: هَذَا هُوَ الَّذِي قَصَدَهُ الطَّبِيبُ الْأَوَّلُ فَاسْتَعْمَلَ النَّاسُ ذَلِكَ الدَّوَاءَ الْمُرَكَّبَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي تَأَوَّلَهُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْمُتَأَوِّلُ، فَفَسَدَتْ بِهِ أَمْزِجَةٌ كَثِيرَةٌ مِنَ النَّاسِ، فَجَاءَ آخَرُونَ فَشَعَرُوا بِإِفْسَادِ أَمْزِجَةِ النَّاسِ مِنْ ذَلِكَ الدَّوَاءِ الْمُرَكَّبِ فَرَامُوا إِصْلَاحَهُ بِأَنْ أَبْدَلُوا بَعْضَ أَدْوِيَتِهِ بِدَوَاءٍ آخَرَ غَيْرَ الدَّوَاءِ الْأَوَّلِ، فَعَرَضَ لِلنَّاسِ نَوْعٌ مِنَ الْمَرَضِ غَيْرُ النَّوْعِ الْأَوَّلِ، فَجَاءَ ثَالِثٌ فَتَأَوَّلَ فِي أَدْوِيَةِ ذَلِكَ
1 / 71