312

Les éclairs envoyés sur les Jahmites et ceux qui nient les attributs divins

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Enquêteur

سيد إبراهيم

Maison d'édition

دار الحديث

Édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Lieu d'édition

القاهرة - مصر

Genres

﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ﴾ [الحج: ٤٠] وَكَذَلِكَ سُمِّيَ الشَّيْءُ بِاسْمِ مَا يُشْبِهُهُ وَيَكُونُ حَقِيقَةً بَلْ عَامَّةُ أَسْمَاءِ الْحَقَائِقِ وَأَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ مُعَلَّقَةٌ عَلَى الشَّيْءِ وَعَلَى مَا يُشْبِهُهُ، فَكَوْنُ الشَّيْءِ يُشْبِهُ الْمَعْنَى يَقْتَضِي كَوْنَ اللَّفْظِ حَقِيقَةً فِيهِمَا مُتَوَاطِئًا أَوْ مُشَكِّكًا، وَلَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مَجَازًا فِي أَحَدِ الْمُتَشَابِهَيْنِ، كَمَا سَيَأْتِي تَقْرِيرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَكَذَلِكَ لَفْظُ النِّكَاحِ، فَلَمْ يَقَعْ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا وَالْمُرَادُ بِهِ الْعَقْدُ وَالْوَطْءُ، فَيَتَنَاوَلُهَا جَمِيعًا، وَأَمَّا اخْتِصَاصُهُ بِالْوَطْءِ وَحْدَهُ فَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ وَلَا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، لَكِنَّ اللَّفْظَ الْعَامَّ لِشَيْئَيْنِ فِي النَّهْيِ يَتَنَاوَلُ النَّهْيَ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا بِخِلَافِ الْأَمْرِ فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُهُمَا جَمِيعًا، فَلَا يَكُونُ مُمْتَثِلًا لِلنَّهْيِ حَتَّى يَتْرُكَهُمَا جَمِيعًا، وَلَا لِلْأَمْرِ حَتَّى يَفْعَلَهُمَا جَمِيعًا، فَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٢٢] يَقْتَضِي الْمَنْعَ مِنْ نِكَاحِ مَنْ عَقَدَ عَلَيْهَا الْآبَاءُ وَلَمْ يَدْخُلُوا بِهِنَّ وَتَحْرِيمَ مَنْ وَطِئَهُنَّ الْآبَاءُ وَلَمْ يَعْقِدُوا عَلَيْهِنَّ، وَقَوْلُهُ: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٣]، ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ﴾ [النور: ٣٢]، ﴿فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ﴾ [النساء: ٢٥] لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ عَقْدًا مُجَرَّدًا عَنْ وَطْءٍ، وَلَا وَطْئًا مُجَرَّدًا عَنْ عَقْدٍ، بَلْ هُمَا جَمِيعًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ فُرُوقِهِمْ وَإِبْطَالُهَا، وَإِنَّمَا أَعَدْنَا هَذَا الْفَرْقَ لِبَيَانِ أَنَّ الْقَائِلِينَ بِالْمَجَازِ قَدْ أَبْطَلُوهُ وَأَنَّهُ بِاقْتِضَاءٍ ضِدِّ قَوْلِهِمْ أَوْلَى.
[تقسيم معاني الكلام إلى خبر وطلب واستفهام]
الْوَجْهُ السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ: أَنَّ مَعَانِيَ الْكَلَامِ إِمَّا خَبَرٌ وَإِمَّا طَلَبٌ وَإِمَّا اسْتِفْهَامٌ، وَالطَّلَبُ أَمْرٌ وَنَهْيٌ وَإِنْشَاءٌ، وَهَذِهِ حَقَائِقُ ثَابِتَةٌ فِي أَنْفُسِهَا مَعْقُولَةٌ مُتَمَيِّزَةٌ يُمَيِّزُ الْعَقْلُ بَيْنَهَا وَيَحْكُمُ بِصِحَّةِ أَقْسَامِهَا، وَكَذَلِكَ كَانَ تَقْسِيمُ الْكَلَامِ إِلَيْهَا صَحِيحًا، لِأَنَّهُ لَمَّا صَحَّ تَقْسِيمُ مَعْنَاهُ صَحَّ تَقْسِيمُ لَفْظِهِ.
فَإِذَا قِيلَ: الطَّلَبُ يَنْقَسِمُ إِلَى أَمْرٍ وَنَهْيٍ كَانَ كُلٌّ مِنَ الْمُنْقَسِمَيْنِ مُتَمَيِّزًا بِحَقِيقَتِهِ عَنِ الْآخَرِ لَفْظًا وَمَعْنًى، وَهَذَا بِخِلَافِ تَقْسِيمِ الْمَعْنَى الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ إِلَى حَقِيقَةٍ وَمَجَازٍ، فَإِنَّهُ أَمْرٌ لَا يُعْقَلُ وَلَا يَنْفَصِلُ فِيهِ أَحَدُ الْقِسْمَيْنِ عَنِ الْآخَرِ، فَإِنَّ الْمَعَانِيَ الْمُتَصَوَّرَةَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ مُفْرَدَةً كَتَصَوُّرِ الْمَاهِيَّاتِ تَصَوُّرًا سَاذَجًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُحْكُمَ عَلَيْهَا بِنَفْيٍ أَوْ إِثْبَاتٍ، فَهَذِهِ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا التَّقْسِيمُ إِلَى حَقِيقَةٍ وَمَجَازٍ، فَإِنَّهَا مُجَرَّدُ صُورَةٍ ذِهْنِيَّةٍ تَنْتَقَشُ فِي النَّفْسِ النَّاطِقَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَنْسُبَ الذِّهْنُ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ نِسْبَةً خَبَرِيَّةً أَوْ طَلَبِيَّةً، وَهَذِهِ حَقِيقَةُ الْكَلَامِ الْمُرَكَّبِ، وَهَذِهِ النِّسْبَةُ إِمَّا مِنْ بَابِ الْعُلُومِ إِنْ كَانَ خَبَرِيَّةً وَإِمَّا مِنْ بَابِ

1 / 329