304

Les éclairs envoyés sur les Jahmites et ceux qui nient les attributs divins

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Enquêteur

سيد إبراهيم

Maison d'édition

دار الحديث

Édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Lieu d'édition

القاهرة - مصر

Genres

الْأَسَدِ فَحَمَانَا وَأَقْرَأَنَا كَانَ بَيِّنًا بِنَفْسِهِ، وَكَانَ حَقِيقَةً، وَهُوَ مَوْضُوعٌ لِكِلَا الْمَعْنَيَيْنِ، مُسْتَعْمَلٌ فِي مَوْضُوعِهِ، كَالْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ وَسَوَاءٌ، فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ ذَلِكَ حَتَّى يُدَّعَى الْمَجَازُ فِي بَعْضِ الِاسْتِعْمَالَاتِ وَالْحَقِيقَةُ فِي بَعْضِهَا.
وَلِهَذَا لَمَّا تَفَطَّنَ لِهَذَا مَنْ تَفَطَّنَ لَهُ مِنَ الْأَذْكِيَاءِ صَارُوا فَرِيقَيْنِ: فِرْقَةً أَنْكَرَتِ الْمَجَازَ بِالْكُلِّيَّةِ، وَفِرْقَةً ادَّعَتْ أَنَّ اللُّغَةَ كُلَّهَا إِلَّا النَّادِرَ مِنْهَا مَجَازٌ، فَإِنَّهُمْ رَأَوْا فَسَادَ تِلْكَ الْفُرُوقِ وَتَنَاقُضَهَا فَلَمْ يَرْضُوا لِأَنْفُسِهِمْ بِالتَّنَاقُضِ وَالتَّحَكُّمِ الْبَارِدِ، يُوَضِّحُهُ:
[اللغة كلها حقيقة أو كلها مجاز]
الْوَجْهُ الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ: أَنَّهُ إِنْ كَانَ فِي اللُّغَةِ مَجَازٌ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَذْكُرُونَهُ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ كُلُّهَا مَجَازًا، وَإِنْ كَانَتْ مُشْتَمِلَةً عَلَى الْحَقِيقَةِ فَكُلُّهَا حَقِيقَةٌ.
بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُفْرَدَاتِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: أَسْمَاءٌ وَأَفْعَالٌ وَحُرُوفٌ، وَهِيَ رَوَابِطُ بَيْنَ الْأَسْمَاءِ وَالْأَفْعَالِ، وَهَذِهِ الرَّوَابِطُ دَلَالَتُهَا عَلَى مَعْنَاهَا الْإِفْرَادِيِّ مَشْرُوطٌ بِذِكْرِ مُتَعَلِّقِهَا، وَهُوَ الْقَرِينَةُ الْمُبَيِّنَةُ لِمَعْنَاهَا؟ فَدَلَالَتُهَا الْمَوْقُوفَةُ عَلَى الْقَرِينَةِ لَا تَدُلُّ بِمُطْلَقِهَا، وَذَلِكَ أَمَارَةُ الْمَجَازِ عِنْدَهُمْ، بَلْ هَذَا أَبْلَغُ فِي ثُبُوتِ الْمَجَازِ حَيْثُ كَانَتِ الْقَرِينَةُ شَرْطًا فِي إِفَادَتِهِ، فَهُمْ بَيْنَ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَدَّعُوا أَنَّ الْحُرُوفَ كُلَّهَا مَجَازٌ، فَهَذَا غَلَطٌ، لَوْ كَانَ الْمَجَازُ ثَابِتًا فَإِنَّهَا لَمْ يَسْبِقْ لَهَا مَوْضُوعٌ غَيْرُ مَوْضُوعِهَا الَّذِي هِيَ مُسْتَعْمَلَةٌ فِيهِ، بَلِ اسْتِعْمَالُهَا فِي مَوْضُوعَاتِهَا.
وَإِمَّا أَنْ يَقُولَ: إِنْ تَوَقَّفَ فَهْمُ مَعْنَاهَا عَلَى الْقَرِينَةِ لَا يُوجِبُ لَهَا أَنْ تَكُونَ مَجَازًا فَيُقَالُ لَهُمْ: وَهَكَذَا الْأَسْمَاءُ وَالْأَفْعَالُ الَّتِي لَهَا دَلَالَةٌ عِنْدَ الِاقْتِرَانِ وَدَلَالَةٌ عِنْدَ التَّجَرُّدِ لَا يُؤَدِّي تَوَقُّفُ فَهْمِ مَعْنَاهَا عِنْدَ الِاقْتِرَانِ عَلَى الْقَرِينَةِ أَنْ تَكُونَ مَجَازًا، وَهَلِ الْفَرْقُ إِلَّا مَحْضٌ؟ .
فَإِنْ قُلْتُمُ: الْأَسْمَاءُ وَالْأَفْعَالُ لَهَا دَلَالَتَانِ: دَلَالَةٌ عِنْدَ التَّجَرُّدِ وَدَلَالَةٌ عِنْدَ الِاقْتِرَانِ، فَأَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ لَهَا جِهَتَانِ، وَأَمَّا الْحُرُوفُ فَلَا تَدُلُّ إِلَّا مَعَ الِاقْتِرَانِ، فَلَيْسَ لَهَا جِهَةُ حَقِيقَةٍ وَمَجَازٍ، قِيلَ لَكُمْ: دَلَالَةُ الْأَسْمَاءِ وَالْأَفْعَالِ عِنْدَ التَّجَرُّدِ عَنْ كُلِّ قَيْدٍ كَدَلَالَةِ الْحُرُوفِ سَوَاءً، لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا لُغَةً وَلَا عَقْلًا، فَإِنَّ قَوْلَكَ: رَجُلٌ وَمَاءٌ وَتُرَابٌ، كَقَوْلِكَ: فِي وَعَلَى وَثُمَّ وَقَامَ وَقَعَدَ وَضَرَبَ، فَالْجَمِيعُ أَصْوَاتٌ يُنْعَقُ بِهَا لَا تُفِيدُ شَيْئًا، وَشَرْطُ إِفَادَتِهَا تَرْكِيبُهَا، فَكَمَا أَنَّ شَرْطَ إِفَادَةِ الْحَرْفِ تَرْكِيبُهُ مَعَ غَيْرِهِ فَشَرْطُ إِفَادَةِ الِاسْمِ وَالْفِعْلِ تَرْكِيبُهُمَا.
فَإِنْ قُلْتَ: أَنَا أَفْهَمُ مِنْ رَجُلٍ وَمَاءٍ وَتُرَابٍ مُسَمَّى هَذِهِ الْأَلْفَاظِ بِمُجَرَّدِ ذِكْرِهَا، قِيلَ: فَإِنَّهُ يَفْهَمُ مِنْ قَوْلِكَ: فِي وَعَلَى وَثُمَّ مُسَمَّى تِلْكَ الْحُرُوفِ بِمُجَرَّدِ ذِكْرِهَا، وَهِيَ الظَّرْفِيَّةُ وَالِاسْتِعْلَاءُ وَالتَّرْتِيبُ وَالتَّرَاخِي.

1 / 321