299

Les éclairs envoyés sur les Jahmites et ceux qui nient les attributs divins

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Enquêteur

سيد إبراهيم

Maison d'édition

دار الحديث

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Lieu d'édition

القاهرة - مصر

Genres

الْحُكْمَ مَعَ مُضَادَّتِهِ لَهُ وَمُنَافَاتِهِ، فَإِنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي إِسْقَاطِ الْحُكْمِ عَمَّا أَخْرَجَهُ وَخَصَّهُ، إِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ الْحُكْمُ ثَابِتًا فِيمَا لَمْ يَدْخُلْهُ التَّخْصِيصُ بِنَفْسِ اللَّفْظِ مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ، وَكَانَ حَقِيقَةً فِيهِ لَا مَجَازًا فَيَصِيرُ لِأَهْلِ الْحَرْبِ عِنْدَنَا اسْمَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَقِيقَةٌ فِيهِمْ، أَحَدُهُمَا حَقِيقَةٌ فِيهِمْ بِمُجَرَّدِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ: اقْتُلُوا أَهْلَ الْحَرْبِ، وَالْآخَرُ حَقِيقَةٌ فِيهِمْ عِنْدَ وُجُودِ قَرِينَةٍ، وَهُوَ أَنْ يَقُولُوا: اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ إِلَّا أَهْلَ الذِّمَّةِ، وَلَيْسَ يَمْتَنِعُ مِثْلُ هَذَا.
أَلَا تَرَى إِذَا قَالَ: أَعْطُوا فُلَانًا ثَوْبًا أَصْفَرَ، كَانَ ذَلِكَ حَقِيقَةً فِي الثَّوْبِ الْأَصْفَرِ بِهَذَا اللَّفْظِ، فَإِذَا قَالَ: أَعْطِهِ ثَوْبًا وَلَا تُعْطِهِ غَيْرَ الْأَصْفَرِ كَانَ ذَلِكَ حَقِيقَةً فِيهِ عِنْدَ وُجُودِ الْقَرِينَةِ، فَكَذَلِكَ هَذَا مِثْلُهُ، وَيُخَالِفُ هَذَا إِذَا اسْتَعْمَلَ اسْمَ الْحِمَارِ فِي الرَّجُلِ الْبَلِيدِ وَاسْمَ الْأَسَدِ فِي الرَّجُلِ الشُّجَاعِ، لِأَنَّ ذَلِكَ اللَّفْظَ يُحْمَلُ عَلَيْهِ بِالْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ لَا بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ، فَإِنَّ الْقَرِينَةَ تَدُلُّ عَلَى الْمُرَادِ بِاللَّفْظِ وَهِيَ مُمَاثِلَةٌ لَهُ فِي الْحُكْمِ، فَهِيَ دَالَّةٌ عَلَى مَا أُرِيدَ بِهِ، فَكَانَ اللَّفْظُ مُسْتَعْمَلًا بِالْقَرِينَةِ فَكَانَ مَجَازًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ اسْتِعْمَالُ لَفْظِ الْعُمُومِ فِي الْخُصُوصِ، فَإِنَّ مَا بَيَّنَتِ الْمُرَادَ بِاللَّفْظِ وَإِنَّمَا بَيَّنَتْ مَا لَيْسَ بِمُرَادٍ، فَكَانَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي الْمُرَادِ بِنَفْسِهِ لَا بِالْقَرِينَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَعْمَلًا بِالْقَرِينَةِ مُضَادَّةً لَهُ، فَكَانَ ذَلِكَ حَقِيقَةً فِيمَا اسْتُعْمِلَ فِيهِ لَا مَجَازًا.
قَالَ: وَدَلَالَةٌ عَلَى مَنْ سَاوَى بَيْنَ الْقَرِينَةِ الْمُتَّصِلَةِ وَالْمُنْفَصِلَةِ يَعْنِي فَجَعَلَ الْجَمِيعَ مَجَازًا وَهُوَ أَنَّا نَقُولُ: لَا فَرْقَ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ بَيْنَ قَوْلِ الْقَائِلِ: لِفُلَانٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَبَيْنَ قَوْلِهِ عَشَرَةٌ إِلَّا خَمْسَةٍ، فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ اللَّفْظَيْنِ يُعَبَّرُ بِهِ عَنِ الْخَمْسَةِ وَيَدُلُّ عَلَيْهَا، فَلَمَّا كَانَ لَفْظُ الْخَمْسَةِ فِيهَا كَذَلِكَ قَالُوا عَشَرَةٌ إِلَّا خَمْسَةٌ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً فِيهَا، وَهَكَذَا يَجِبُ حُكْمُ كُلِّ دَلِيلٍ عَلَى تَخْصِيصِ اللَّفْظِ بِمَا يَتَّصِلُ بِهِ، فَأَمَّا مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الدَّلِيلِ الْمُتَّصِلِ وَالْمُنْفَصِلِ فَإِنَّهُ فَصْلٌ بَيْنَ الْمَوْضُوعَيْنِ بِأَنْ قَالَ: الْكَلَامُ إِذَا اتَّصَلَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ بُنِيَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، فَكَانَ ذَلِكَ حَقِيقَةً فِيمَا بَقِيَ، وَإِذَا انْفَصَلَ بَعْضُهُ عَنْ بَعْضٍ لَمْ يُبَيَّنْ فَكَانَ مَجَازًا فِيهِ، قَالَ: وَهَذَا غَلَطٌ لِأَنَّهُ فَرْقٌ بَيْنَ الْقَرِينَةِ الْمُتَّصِلَةِ وَالْمُنْفَصِلَةِ، فِي أَنَّ اللَّفْظَ مَبْنِيٌّ عَلَيْهَا وَدَلَالَةٌ عَلَى مَا لَيْسَ بِمُرَادٍ مِنْهُ وَمَا بَقِيَ يَكُونُ ثَابِتًا فِيهَا بِاللَّفْظِ لَا بِقَرِينَةٍ، فَيَجِبُ أَنْ لَا يَفْتَرِقَ حَالُهُمَا بِوَجْهٍ، وَقَدْ وَافَقَ أَبَا حَامِدٍ عَلَى ذَلِكَ أَئِمَّةُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، كَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ الطَّبَرِيِّ وَأَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ وَأَبِي نَصْرِ بْنِ الصَّبَّاغِ، قَالَ أَبُو الطَّيِّبِ:
فَصْلٌ: وَإِذَا خُصَّ مِنَ الْعُمُومِ شَيْءٌ لَمْ تَبْطُلْ دَلَالَتُهُ فِي الثَّانِي، وَقَالَ عِيسَى بْنُ

1 / 316