Les éclairs envoyés sur les Jahmites et ceux qui nient les attributs divins
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
Enquêteur
سيد إبراهيم
Maison d'édition
دار الحديث
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Lieu d'édition
القاهرة - مصر
Genres
الْوَجْهُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّ هَاهُنَا أَلْفَاظًا تُطْلَقُ عَلَى الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ، أَفْعَالُهَا وَمَصَادِرُهَا وَأَسْمَاءُ الْفَاعِلِينَ وَالصِّفَاتُ الْمُشْتَقَّةُ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَتْ حَقَائِقُهَا مَا يُفْهَمُ مِنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ وَخَصَائِصِهِمْ، وَذَلِكَ مُنْتَفٍ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى قَطْعًا لَزِمَ أَنْ تَكُونَ مَجَازًا فِي حَقِّهِ لَا حَقِيقَةً، فَلَا يُوصَفُ بِشَيْءٍ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ حَقِيقَةً وَتَكُونُ أَسْمَاؤُهُ الْحُسْنَى كُلُّهَا مَجَازَاتٍ، فَتَكُونُ حَقِيقَةً لِلْمَخْلُوقِ مَجَازًا لِلْخَالِقِ، وَهَذَا مِنْ أَبْطَلِ الْأَقْوَالِ وَأَعْظَمِهَا تَعْطِيلًا، وَقَدِ الْتَزَمَهُ مُعَطِّلُو الْجَهْمِيَّةِ وَعُمُومُهُمْ، فَلَا يَكُونُ رَبُّ الْعَالَمِينَ مَوْجُودًا حَقِيقَةً، وَلَا حَيًّا حَقِيقَةً، وَلَا مُرِيدًا حَقِيقَةً، وَلَا قَادِرًا حَقِيقَةً، وَلَا مَلِكًا حَقِيقَةً، وَلَا رَبًّا حَقِيقَةً، وَكَفَى أَصْحَابُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ بِهَا كُفْرًا، فَهَذَا الْقَوْلُ لَازِمٌ لِكُلِّ مَنِ ادَّعَى الْمَجَازَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَسْمَاءِ الرَّبِّ وَأَفْعَالِهِ لُزُومًا لَا يُحْصَى لَهُ عَنْهُ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا فَرَّ إِلَى الْمَجَازِ لِظَنِّهِ أَنَّ حَقَائِقَ ذَلِكَ مِمَّا يَخْتَصُّ بِالْمَخْلُوقِينَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ صِفَةٍ وَصِفَةٍ، وَفِعْلٍ وَفِعْلٍ، فَإِمَّا أَنْ يَقُولَ الْجَمِيعُ مَجَازٌ أَوِ الْجَمِيعُ حَقِيقَةٌ.
وَأَمَّا التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْبَعْضِ وَجَعْلِهِ حَقِيقَةً وَبَيْنَ الْبَعْضِ وَجَعْلِهِ مَجَازًا فَتَحَكُّمٌ مَحْضٌ بَاطِلٌ، فَإِنْ زَعَمَ هَذَا الْمُتَحَكِّمُ أَنَّ مَا جَعَلَهُ مَجَازًا مَا يُفْهَمُ مِنْ خَصَائِصِ الْمَخْلُوقِينَ وَمَا جَعَلَهُ حَقِيقَةً لَيْسَ مَفْهُومُهُ مِمَّا يُخْتَصُّ بِالْمَخْلُوقِينَ طُولِبَ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ وَقِيلَ لَهُ: بِأَيِّ طَرِيقٍ اهْتَدَيْتَ إِلَى هَذَا التَّفْرِيقِ؟ بِالشَّرْعِ أَمِ الْعَقْلِ أَمْ بِاللُّغَةِ؟ فَأَيُّ شَرْعٍ أَوْ عَقْلٍ أَوْ لُغَةٍ أَوْ فِطْرَةٍ عَلَى أَنَّ الِاسْتِوَاءَ وَالْوَجْهَ وَالْيَدَيْنِ وَالْفَرَحَ وَالضَّحِكَ وَالْغَضَبَ وَالنُّزُولَ حَقِيقَةٌ فِيمَا يُفْهَمُ مِنْ خَصَائِصِ الْمَخْلُوقِينَ، وَالْعِلْمَ وَالْقُدْرَةَ وَالسَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْإِرَادَةَ حَقِيقَةٌ فِيمَا لَا يَخْتَصُّ بِهِ الْمَخْلُوقُ.
فَإِنْ قَالَ: أَنَا لَا أَفْهَمُ مِنَ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالْقَدَمِ إِلَّا خَصَائِصَ الْمَخْلُوقِ، وَأَفْهَمُ مِنَ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ مَا لَا يَخْتَصُّ بِهِ الْمَخْلُوقُ، قِيلَ لَهُ: فَبِمَ تَنْفَصِلُ عَنْ شَرِيكِكَ فِي التَّعْطِيلِ إِذَا ادَّعَى فِي السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْعِلْمِ مِثْلَ مَا ادَّعَيْتَهُ أَنْتَ فِي الِاسْتِوَاءِ وَالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ؟ ثُمَّ يُقَالُ لَكَ: هَلْ تَفْهَمُ مِمَّا جَعَلْتَهُ حَقِيقَةً خَصَائِصَ الْمَخْلُوقِ تَارَةً وَخَصَائِصَ الْخَالِقِ تَارَةً، أَوِ الْقَدْرَ الْمُشْتَرَكَ، أَوْ لَا تَفْهَمُ مِنْهَا إِلَّا خَصَائِصَ الْخَالِقِ.
فَإِنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ كَانَ مُكَابِرًا جَاهِلًا، وَإِنْ قَالَ بِالثَّانِي قِيلَ لَهُ: فَهَلَّا جَعَلْتَ الْبَابَ كُلَّهُ بَابًا وَاحِدًا وَفَهِمْتَ مَا جَعَلْتَهُ مَجَازًا خَصَائِصَ الْمَخْلُوقِ تَارَةً وَالْقَدْرَ الْمُشْتَرَكَ تَارَةً، فَظَهَرَ لِلْعَقْلِ أَنَّكُمْ مُتَنَاقِضُونَ، يُوَضِّحُهُ:
[الألفاظ التي تستعمل في حق الخالق والمخلوق لها ثلاث اعتبارت]
الْوَجْهُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ الَّتِي تُسْتَعْمَلُ فِي حَقِّ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ
1 / 308