272

Les éclairs envoyés sur les Jahmites et ceux qui nient les attributs divins

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Enquêteur

سيد إبراهيم

Maison d'édition

دار الحديث

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Lieu d'édition

القاهرة - مصر

Genres

لِلْمَعْنَى الثَّانِي مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِي مَعْنَاهُ الْأَوَّلِ، وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ مَجَازًا لَا حَقِيقَةَ لَهُ، فَإِذَا الْحَقِيقَةُ هِيَ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي مَوْضُوعِهِ، وَقَدْ نُقِلَ عَنْهُ إِلَى مَجَازِهِ، وَهَلْ هَذَا إِلَّا نَوْعٌ مِنَ الْكِهَانَةِ الْبَاطِلَةِ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ وَحْيٌ بِذَلِكَ فَيَجِبُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ هَذَا يَسْتَلْزِمُ تَعْطِيلَ الْأَلْفَاظِ عَنْ دَلَالَتِهَا عَلَى الْمَعَانِي وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ، لِأَنَّ الدَّلِيلَ يَسْتَلْزِمُ مَدْلُولَهُ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ.
فَإِنْ قِيلَ: لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الِاسْتِعْمَالِ عَدَمُ الدَّلَالَةِ فَإِنَّهُمَا غَيْرُ مُتَلَازِمَيْنِ، قِيلَ: بَلْ يَلْزَمُ لُزُومًا بَيِّنًا، فَإِنَّ دَلَالَتَهُ عَلَيْهِ إِنَّمَا تَتَحَقَّقُ بِاسْتِعْمَالِهِ، فَإِنَّ الدَّلَالَةَ هِيَ فَهْمُ الْمَعْنَى مِنَ اللَّفْظِ عِنْدَ إِطْلَاقِهِ، فَلَا تَحَقُّقَ لَهَا بِدُونِ الِاسْتِعْمَالِ الْبَتَّةَ، وَالِاسْتِعْمَالُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ مَعْنَى الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ، وَهَذَا إِنَّمَا يَقُولُهُ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ الْحَقِيقَةَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي مَوْضِعِهِ، أَوْ جُزْءٌ مُسَمًّى الْحَقِيقَةَ، كَمَا يَقُولُ مَنْ يَقُولُ: إِنَّهَا اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي مَوْضِعِهِ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَيَلْزَمُ تَجَرُّدُ اللَّفْظِ عَنْ حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ مَعَ وُجُودِ دَلَالَتِهِ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ فَتَأَمَّلْهُ.
الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّ الْقَائِلِينَ بِالْمَجَازِ مُخْتَلِفُونَ، هَلْ يَسْتَلْزِمُ الْمَجَازُ الْحَقِيقَةَ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ الْحَقِيقَةَ لَا تَسْتَلْزِمُ الْمَجَازَ، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ حَقِيقَةِ مَجَازٌ، وَالَّذِينَ قَالُوا بِاللُّزُومِ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنِ الْمَجَازُ مُسْتَلْزِمًا لِلْحَقِيقَةِ لَعَرِيَ وَضْعُ اللَّفْظِ لِلْمَعْنَى عَنِ الْفَائِدَةِ، وَكَانَ وَضْعُهُ عَبَثًا، وَالْحَقِيقَةُ عِنْدَهُمْ إِمَّا اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ وَإِمَّا وَضْعُ اللَّفْظِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي مَوْضُوعِهِ، فَلَا يُتَصَوَّرُ عِنْدَهُمْ مَجَازٌ حَتَّى يَسْبِقَهُ اسْتِعْمَالٌ فِي الْحَقِيقَةِ، وَهَذَا السَّبْقُ مِمَّا لَا سَبِيلَ لَهُمُ الْعِلْمُ بِهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، فَيَسْتَحِيلُ عَلَى أَصْلِهِمُ التَّمْيِيزُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ.
فَإِنْ قَالُوا: نَحْنُ نَخْتَارُ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ وَأَنَّ الْمَجَازَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْحَقِيقَةَ، فَإِنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ: شَابَتْ لُمَّةُ اللَّيْلِ، وَقَامَتِ الْحَرْبُ عَلَى سَاقٍ، وَهَذِهِ مَجَازَاتٌ لَمْ يَسْبِقْ لَهَا اسْتِعْمَالٌ فِي حَقَائِقِهَا وَلَمْ تُسْتَعْمَلْ فِي غَيْرِ مَدْلُولَاتِهَا الْمَجَازِيَّةِ.
قِيلَ لَهُمْ: الْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَجَازَ وَإِنْ لَمْ يَسْتَلْزِمِ اسْتِعْمَالَ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَسْتَلْزِمَ وَضْعَ اللَّفْظِ لِمَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ، فَلَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْ وَضْعُ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ لِحَقَائِقِهَا لَكَانَتْ قَدْ وُضِعَتْ لِهَذِهِ الْمَعَانِي وَضْعًا أَوَّلِيًّا، فَتَكُونُ حَقِيقَةً لَا مَجَازًا، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ مَوْضُوعٌ سِوَى مَعْنَاهَا لَمْ تَكُنْ مَجَازًا، وَإِنْ كَانَ لَهَا مَوْضُوعٌ سِوَاهُ بَطَلَ الدَّلِيلُ.

1 / 289